فالعنب ينسب إلى الخمر على أن الخمر غايته، واللون على أنه شبيه بلون الخمر.
والإسم الذي يقال بعموم وخصوص هو أن يكون اسما لجنس تحته أنواع: ويكون ذلك الاسم بعينه لقبا لبعض أنواع ذلك الجنس، بما هو ذلك النوع.
فذلك الاسم يقال على ذلك النوع من جهتين مختلفتين: إحداهما على العموم من حيث يشارك به سائر الأنواع القسيمة له، إذ كان اسم الجنس يقال على جميع أنواعه، والثانية بخصوص، وذلك إذا استعمل لقبا له، دالا على ذاته من حيث هو ذلك النوع.
والأسماء المتباينة هي الأسماء الكثيرة التي يدل كل واحد منها على غير ما يدل عليه الآخر، أو التي يكون الحد المساوى لكل واحد منها غير الحد المساوى للآخر.
والأسماء المترادفة هي الأسماء الكثيرة التي تقال على شيء واحد، وحده بحسب كل واحد منها واحد بعينه، أو الأسماء التي يكون الحد المساوى لكل واحد منها هو بعينه حد الآخر.
والاسم المشتق هو أن يؤخذ هو أن يؤخذ الاسم الدال على شيء ما مجردا عن كل ما يمكن أن يقترن به من خارج فيغير تغييرا يدل التغيير على اقتران ذلك الشيء بموضوع لم يصرح به ما هو. فاسمه الدال على ذاته مجردا من موضوع هو المثال الأول، واسمه الغير الدال بالتغيير على موضوع لم يصرح به هو اسمه المشتق من المثال الأول.
وتغييره يكون إما بأن يغير شكله، وهو أن يبدل ترتيب بعض حروفه، أو يبدل بعض حركاته، وإما بأن يزاد فيه حروف، أو ينقص منه حروف، أو أن يغير بجميع هذه الأنحاء، وذلك مثل اسم القيام فإنه دال على ذات القيام مجردا دون الشيء الذي فيه القيام، فغير بأن بدل ترتيب بعض حروفه، وغير حركات بعضها، فتبدل شكله فصار منه قولنا: القائم، فدل على أن القيام مقترن بموضوع لم يصرح به. وذلك أن هذه التغايير تدل في كثير من الأشياء على ما يدل عليه قولنا: (ذو). فإنه لا فرق بين أن نقول: (قائم) وبين أن نقول: (ذو قيام).
فالأسماء المستعارة لا تستعمل في شيء من العلوم، ولا في الجدل، بل في الخطابة، والشعر.
والأسماء المنقولة تستعمل في العلوم وفي سائر الصنائع. وإنما تكون أسماء للأمور التي يختص بمعرفتها أهل الصنائع. ومتى استعمل في العلوم أمور مشهورة لها أسماء مشهورة، فإنه ينبغي لأهل العلوم وسائر أهل الصنائع أن يتركوا أسماءها في صنائعهم على ما هي عليه عند الجمهور. والأسماء المنقولة كثيرا ما تستعمل في الصنائع التي إليها نقلت مشتركة، مثل اسم الجوهر، فإنه منقول إلى العلوم النظرية، ويستعمل فيها باشتراك، وكذلك الطبيعة، وكثير غيرها من الأسماء.
والتي تقال باشتراك فقد يضطر إلى استعمالها في الصنائع كلها. ومتى استعمل منها شيء، فينبغي أن يخص المستعلم له جميع المعانى التي تحته ثم يعرف أنه إنما أراد من بينها معنى كذا وكذا، دون سائرها. فإنه ان لم يفعل ذلك، أمكن أن يفهم السامع غير الذي أراده القائل، فيغلط.
وكذلك ينبغي أن يفعل في الأسماء المنقولة لئلا يغلط الوارد على الصناعة، المبتدىء لتعملها، فيظن أنه إنما أريد بها في تلك الصناعة ما قد تعود أن يفهمه عنها قبل شروعه في الصناعة.
والأجناس العالية العشرة لها أسماء متباينة، وهي أسماؤها التي يخص واحد واحد منها واحدا واحدا من العشرة، مثل الجوهر، والكمية، والكيفية، وغير ذلك. ولها. ولها أسماء مترادفة يعم كل واحد منها جميعها، وهي: الموجود، والشيء، والأمر، والواحد. فإن كل واحد منها يسمى جميع هذه الأسماء. وكل واحد من هذه الأسماء يقال على جميعها باشتراك. وهو من اصناف الاسم المشترك فيما يقال بترتيب وتناسب.
فإن الموجود يقال على الجوهر أولا، ثم على كل واحد من سائر المقولات، إذ كان الجوهر، كما تقد، مستغنيا بنفسه في الوجود عن الأعراض، إذ كانت الأعراض تتبدل عليه، ولا ينقص وجوده زوال ما يزول عنه منها.
ووجود كل واحد من الأعراض في الجوهر، والجوهر إذ بطل، بطل العرض الذي قوامه به.
ثم كل ما كان من باقي المقولات وجوده في الجوهر لا يتوسط عرض آخر من غير أن يكون تابعا في وجوده لمقولة أخرى سبق وجودها وجوده في الجوهر، كان أولى باسم الموجود.
ثم لك ما كان منها وجوده في الجوهر بتوسط أشياء أقل، كان أولى باسم الموجود من الذي وجوده في الجوهر بتوسط أشياء أكثر.
صفحة ٥