والاسم قد يكون محصلا، وقد يكون غير محصل. وإنما يصير غير محصل إذا قرن به حرف السلب وهو حرف (لا) فصار مجموعها في شكل لفظة واحدة. وذلك لا يكاد يوجد في لسان العرب إلا شاذا مولدا، كقولنا: (إنسان لا أحد)، و(درهم لا شيء).
وهذا الصنف من الأسماء كثير في سائر الألسنة، مثل: اليونانية، والسريانية، والفارسية، وغيرها، مثل: (لا إنسان)، و(لا عادل)، و(لا عالم)، و(لا بصير).
وليس ينبغي أن يظن به أنه قول لأجل أنه من لفظتين، فإن الأسماء غير المحصلة ليست تعد في الأقاويل عند الأمم الذين يستعملونها، بل أشكالها عندهم أشكال الألفاظ المفردة، وتجري مجراها، وتتصرف تصرفها.
ولا ينبغي أيضا أن يظن أنها سلب، لأجل اقتران حرف السلب بها، لأن دلالتها في الألسنة التي فيها هذه الأسماء دلالات الإيجاب، من قبل أنها تدل عندهم على أصناف العدم، مثل قولهم: (لا بصير) يدل عنهم على الأعمى، و(لا عالم) على الجاهل، و(لا عادل) على الجائر، وكذلك غيرها من الأسماء غير المحصلة.
والاسم قد يكون مائلا، وقد يكون مستقيما. وإنما يصير مائلا إذا جعل اسما لما هو بذاته مضاف إليه من الأمرين المتضايفين، كان دالا عليه من حيث هو مضاف، أو من حيث هو في مقولة أخرى.
وإنما اشترط فيه أن يكون إسما للمضاف بذاته، لأن من المضاف إليه ما يصير مضافا إليه بأن ترد عليه خالفته إضافة شيء ما إليه، كقولنا: (زيد له مال). فإن خالفة (له) ردت على زيد إضافة المال إليه فصيرته مضافا إليه، لكن لا بذاته. فلذلك ليس اسمه باسم مائل.
وقد جرت العادة في كل لسان أن تكون للاسم المضاف إليه علامة يعرف بها في ذلك اللسان أنه مضاف إليه، مثل أن يكون معربا بالإعراب الذي يخص في ذلك اللسان اسم المضاف إليه.
والألفاظ التي سبيلها أن تقترن بالأسماء المائلة: أما من الأدوات، فأدوات النسبة كلها، كقولنا: لزيد، وبزيد، ومن زيد، وفي زيد، وغيرها من أدوات النسبة. وأما من سائر الالفاظ، فألفاظ الإضافة، أسماء كانت، أو كلما، كقولنا: (مال زيد)، و(غلام زيد)، و(عبد زيد)، و(أبو زيد)، و(ضارب زيد)، و(مضروب زيد)، و(ضرب زيدا)، و(ضارب زيدا)، و(يضرب زيدا).
وربما أدخل معها بعض الأدوات للنسب أيضا، كقولنا: (مال لزيد)، و(عبد لزيد)، و(ضارب لزيد).
وينبغي أن تعلم أن ألفاظ الإضافات ليست هي المضافات
وألفاظ الإضافات هي مثل هذه التي ذكرنا، كقولنا: (ضارب زيد)، و(مضروب زيد)، و(مال زيد)، و(عبد زيد). وأما المضافات فهي التي لأجل هذه صارت مضافة، كقولنا: (عمرو ضارب زيد). والمضافات إذا قرنت بها، حصلت منها قضايا، كقولنا: (عمرو ضرب زيدا)، و(عمرو مولى زيد)، و(عمرو مع زيد).
ويصير الاسم مستقيما بأن يجرد من الاضافة، فلا يكون اسما للمضاف ولا للمضاف إليه، أو يكون اسم المضاف من الأمرين المتضايفين، سواء كان اسما له من حيث هو مضاف، أو من حيث هو في مقولة أخرى، أو أن يكون اسما للمضاف اليه لا بذاته، بل بأن تكون خالفة ما له أو لفظة أخرى ترد إليه إضافة شيء ما يعرف بها في ذلك اللسان أنه مستقيم، كقولنا: (زيد له مال) و(زيد أبوه عمرو)، و(زيد ضرب)، و(زيد امتحن بعمرو).
وقد جرت العادة في كل لسان أن يكون للاسم المستقيم علامة في اللفظ يعرف بها في ذلك اللسان أنه مستقيم، بأن يجعل له إعراب واحد يخصه: إما لجميعه، أو لأكثره. فالمستقيم المجرد من الإضافة، كقولنا: (الإنسان حيوان)، والذي هو إسم للمضاف، كقولنا: (زيد أبو عمرو). فزيد مستقيم، وعمرو ماثل. والمضاف إليه الذي ترد الخالفة عليه الإضافة، كقولنا: (زيد له مال)، والذي ترد إليه الإضافة بكلمة، كقولنا: (زيد ضرب).
وخاصة المائل أنه إذا أضيف إلى شيء من الكلم الوجودية لم تحصل منها قضية، ولم تصدق، ولم تكذب، كقولنا: (لزيد كان، أو يكون).
والمستقيم إذا قرنت به كلمة ما وجودية حصلت منها قضية، وصارت إما صادقة، وإما كاذبة، كقولنا: (زيد كان)، و(زيد وجد).
ووافق في اللسان العربى أن كان إعراب أكثر الأسماء المستقيمة الرفع، وإعراب أكثر الأسماء المائلة النصب، أو الخفض.
والمائلة تسمى الأسماء المصرفة.
صفحة ٢