فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
الناشر
دار ابن القيم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
الدمام المملكة العربية السعودية
تصانيف
الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنَّة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يطلقون اسم السنَّة إلاَّ على ما يشمل ذلك كلَّه، وروي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض، وكثير من العلماء المتأخرين يخصُّ اسمَ السنَّة بما يتعلَّق بالاعتقادات؛ لأنَّها أصلُ الدِّين، والمخالف فيها على خطر عظيم".
وقد حثَّ رسول الله ﷺ على التمسُّك بسنَّته وسنَّة خلفائه الراشدين بقوله: "فعليكم"، وهي اسم فعل أمر، ثم أرشد إلى شدَّة التمسُّك بها بقوله: "عضُّوا عليها بالنَّواجذ"، والنواجذ هي الأضراس، وذلك مبالغة في شدَّة التمسُّك بها.
٧ قوله: "وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ بدعة ضلالة"، في رواية أبي داود (٤٦٠٧): "وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة"، محدثات الأمور ما أُحدِث وابتُدع في الدِّين مِمَّا لم يكن له أصل فيه، وهو يرجع إلى الاختلاف والتفرُّق المذموم الذي ذكره النَّبيُّ ﷺ بقوله: "فإنَّه مَن يَعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا"، وقد وصف النَّبيُّ ﷺ كلَّ البدع بأنَّها ضلال، فلا يكون شيءٌ من البدع حسنًا؛ لعموم قوله: "وكل بدعة ضلالة"، وقد روى محمد بن نصر في كتابه السنة بإسناد صحيح عن ابن عمر ﵄ قال: "كلُّ بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة"، وذكر الشاطبي في الاعتصام عن ابن الماجشون قال: سمعت مالكًا يقول: "مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمدًا خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ﴿لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾، فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا"، وقال أبو عثمان النيسابوري: "مَن أمَّر السنَّة على نفسه قولًا وفعلًا نطق بالحكمة، ومَن أمَّر الهوى على نفسه قولًا وفعلًا نطق
1 / 98