فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
الناشر
دار ابن القيم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
مكان النشر
الدمام المملكة العربية السعودية
تصانيف
وقد أجمع العلماء على أنَّ العبدَ ليس أهلًا للخلافة، ويُحمل ما جاء في هذا الحديث وغيره من الأحاديث في معناه على المبالغة في لزوم السمع والطاعة للعبد إذا كان خليفة، وإن كان ذلك لا يقع، أو أنَّ ذلك يحمل على تولية الخليفة عبدًا على قرية أو جماعة، أو أنَّه كان عند التولية حرًّا، وأُطلق عليه عبد باعتبار ما كان، أو على أنَّ العبدَ تغلَّب على الناس بشوكته واستقرَّت الأمور واستتبَّ الأمن؛ لِمَا في منازعته من حصول ما هو أنكر من ولايته.
٥ قوله: "فإنَّه مَن يعِش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا"، هذا من دلائل نبوَّته ﷺ، حيث أخبر عن أمر مستقبَل وقع طبقًا لِمَا أخبر به ﷺ؛ فإنَّ الذين طالت أعمارُهم من أصحاب النَّبيِّ ﷺ أدركوا اختلافًا كثيرًا ومخالفة لِمَا كان عليه رسول الله ﷺ وأصحابه، وذلك بظهور بعض فرق الضلال، كالقدرية والخوارج وغيرهم.
٦ قوله: "فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين، عضُّوا عليها بالنَّواجذ"، لَمَّا أخبر ﷺ بحصول التفرُّق وكثرته، أرشد إلى طريق السلامة والنجاة، وذلك بالتمسُّك بسنَّته وسنَّة خلفائه الراشدين، وخلفاؤه الراشدون هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ﵃، وقد وصف رسول الله ﷺ خلافتَهم بأنَّها خلافةُ نبوَّة، كما جاء في حديث سفينة ﵁: "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي اللهُ الملكَ أو ملكَه من يشاء" رواه أبو داود (٤٦٤٦) وغيرُه، وهو حديث صحيح، أورده الألباني في السلسلة الصحيحة (٤٦٠)، ونقل تصحيحه عن تسعة من العلماء، قال ابن رجب (٢/١٢٠): "والسنَّة هي الطريقة المسلوكة، فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من
1 / 97