وحكي أن أعرابيا كان له عبد طيب الصوت، فحدا له إبلا وهي مثقلة، فقطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم واحد، فلما وصلت تبطحت وماتت، فهذه الإبل أثر فيها الصوت الطيب دون فهم المعاني، فما ظنك في الصوت الشجي بمعان رائعة يسمعه أهل الذوق والمعرفة، وترى الهزار والشحرور يلقي بنفسه في الأماكن التي فيها سماع مطرب.
وقد اختلف فيه: فأباحه قوم وحرمه آخرون.
وقال ابن قتيبة: يروق الذهن، ويلين العريكة، ويهيج النفس ويحل الدم، ويلائم أصحاب العلل الغليظة وينفعهم، ويزيد في فضائل النفس، ويوصف لبعض الأمراض السوداوية.
قال المؤلف: الشيخ الإمام العالم المحدث الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن عثمان الذهبي في مسألته في السماع: منه محرم، ومنه واجب، ومنه مباح، ومنه مستحب، ومنه مكروه.
والمحرم: سماع غناء الصبية المليحة الأجنبية التي يخاف منها الفتنة، وقد يباح صوتها في العرس ولا يخلو من كراهة، وكذلك صوت الأمرد المليح، وهو أشد تحريما، فإذا أضيف إلى ذلك دفوف وشبابات تأكد التحريم وعمال السماع الذين كالفقهاء فهذا أدين الله بتحريمه.
صفحة ٣١٧