قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام، وجعل الكعبة بينه وبين الشام وكان مصلاه بين الركنين: الركن الأسود والركن اليماني، فقلت حين رأيته: والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول! وخشيت إذا أنا دنوت منه روعته! فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثياب الكعبة، فجعلت أمشي رويدا، ورسول الله
صلى الله عليه وسلم
قائم يصلي يقرأ القرآن، حتى قمت في قبلته مستقبله، ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي، فبكيت ودخلني الإسلام، فلم أزل قائما في مكاني حتى قضى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
صلاته ثم انصرف يريد بيته فتبعته، حتى إذا اقترب من بيته أدركته، فلما سمع حسي عرفني وظن أني إنما اتبعته لأوذيه، فزجرني ثم قال: ما جاء بك يا بن الخطاب هذه الساعة! قلت: جئت لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله، فحمد الله ثم قال: قد هداك الله يا عمر، ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات، وانصرفت عن رسول الله مؤمنا بدينه.»
ولهذه الرواية المنسوبة إلى عمر صورة وردت في مسند الإمام أحمد بن حنبل لعلها تكمل ما تقدم، وهي تجري بأن عمر قال: «خرجت أتعرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قبل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش فقرأ:
إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون . قلت: كاهن! فقرأ:
ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين ، إلى آخر السورة، فوقع الإسلام في قلبي كل موقع.»
صفحة غير معروفة