Josiah Royce »، الذي ربما كان أبرز مثالي ظهر في أمريكا، يدعو إلى «فلسفة للولاء
Loyalty » تعزى فيها قيمة عليا لكل مظهر من مظاهر الولاء، بغض النظر عن موضوع هذا الإخلاص. فالأمر الأخلاقي الأسمى عند رويس هو «ليكن ولاؤك للولاء». ومن الواضح أن هذا الرأي يمثل محاولة للكشف عن المعيار الشامل أو الموضوعي للتقويم.
ويرى أنصار النظرية الموضوعية في القيمة أن «الخير» كامن في موضوعات أو مواقف معينة، وأننا نقدر هذه المواقف أو نرغب فيها نظرا إلى ما فيها من جاذبية لنا
2
ففي مثل هذا المذهب تكون كل أحكام القيمة، قبل كل شيء، وصفا لما نكشفه في الموضوعات أو الحوادث، وتصبح القيمة ذاتها صفة تجتذب تفضيلنا أو تطالب بتقديرنا. وهكذا يكون الحكم التقويمي في أساسه وصفا لطبيعة الأشياء؛ أي للواقع ذاته. وعلى هذا النحو تقيم النظرية الموضوعية صلة وثيقة بين الأخلاق (وعلم الجمال) وبين الميتافيزيقا؛ إذ إن الخير يرتبط ارتباطا وثيقا بالواقع، بل إن الخير والواقع قد يصبحان في مثل هذا المذهب شيئا واحدا.
الرأي الذاتي : أما الرأي الذاتي في القيمة، الذي يرتبط بمبدأ النسبية ارتباطا وثيقا، فيذهب إلى أن الاختلافات في الأحكام التقويمية من شخص لآخر، ومن عصر لآخر، هي اختلافات عميقة لها دلالتها الكبرى. ذلك لأن كل قيمة تبدو صادرة، من وجهة النظر النفسية، عن الشعور بالرضا أو الإشباع
Satisfaction
فنحن نصف أي شيء يرضي أو يشبع حاجة من حاجاتنا، أو يساعد على تحقيق مصلحة لنا، بأنه «خير» أو «قيم» أو «مرغوب فيه». وأعلى الأشياء قيمة هي تلك التي تشبع حاجاتنا على أفضل نحو، أو ترضي حاجة من أقوى حاجاتنا. ويترتب على ذلك أنه كلما فقد الشيء أو الموقف قدرته على إرضائنا، انعدمت قيمته أيضا. والواقع أن تجربتنا اليومية تثبت على الدوام وجود هذا التحول في «القيمة» من شيء إلى آخر، ومن حب قديم إلى حب جديد. وفي هذا الصدد يتحدث وليام جيمس عن «القدرة الطاردة للهوى الجديد»، كما أن واحدا من أول الشعراء الأمريكيين وأهمهم، وهو فيليب فرينو
(1752-1832م) قد وصف التجربة البشرية الشاملة على هذا النحو:
بأعين ملهوفة نثبت أنظارنا.
صفحة غير معروفة