وهو لحسن السماع غافل ألا والراعي بالعصا على قفاه نازل فرأى الغنيمة في النجاة وأخذ في طريق النجاة وترك الجدي وأفلت ونجا من سيف الموت المصلت وصعد إلى تل يتلفت بعد إذ تفلت فأقعى يأكل يديه ندامة ويخاطب نفسه بالملامة وقال أيها الغافل الذاهل والأحمق الجاهل متى كان على سماط السرحان الغناء والأوزان وأي جد لك فإني وأبي مفسد جاني كان لا يأكل إلا بالأغاني وعلى صوت المثالث والمثاني فلولا أنك ما عدلت عن طريقة آبائك ما فاتك لذيذ غذائك ولا أمسيت جائعا تتلوى وبجمر فوات الفرصة تتكوى وبات يحرك ضرسه ونابه ويخاطب نفسه لما نابه ويقول:
وعاجز الرأي مضياع لفرصته ... حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
وإنما أوردت هذا النظير لمولانا والوزير ليعلم أن العدول عن طرائق الأصول ليس إلا داعية الفضول ولا يساعد معقول ولا منقول وأمور ذميمة وعاقبته وخيمة وناهيك ما هو وكالعلم ومن يشابه أباه فما ظلم ويؤخذ من مفهوم هذه الحكم أن من لم يشابه أباه فقد ظلم خصوصا الملوك والسلاطين الذين اختار رفعتهم رب العالمين وذلك لئلا يدخل على قواعد المملكة من حركات الاختلال والاختلاف حركة ولله يا ذا الإحسان ما قيل في شأن الملك أنوشروان:
لله در أنوشروان من رجل ... ما كان أعرفه بالوغد والسفل
نهاهم أن يمسوا عنده قلما ... وأن يذل بنو الأحرار بالعمل
1 / 62