ويسني مأملك وإن صوتي للذيذ ألذ للجائع من جدي حنيذ بخبز سميذ وللعطشان من قدح نبيذ ورأيك أعلى وامتثالك أولى فقال الذئب لا بأس قد أجبت سؤالك فغن ما بدا لك فرفع الجدي عقيرته ورأى في الصياح خبرته وملأ الدنيا عياطا وأعقبه ضراطا وأنشد:
وعصفور الهوى يهوي جراده ... كما عشق الخروف أبا جعاده
فاهتز الذئب طربا وتمايل عجبا وعجبا وقال أحسنت يا زين الغنم ولكن هذا الصوت من ألم فارفع صوتك في الزير فقد أخجلت البلابل والزرازير وزدني يا مغني قولي:
أقر هذا الزمان عيني ... بالجمع بين المنى وبيني
وليكن يا سيدي المغني هذا من أوج الحسيني فاغتنم الجدي الفرصة وأزاح بعياطه الغصه وصرخ صرخة أخرى أذكره الطامة الكبرى ورفع الصوت كمن عاين الموت وخرج من دائرة الحجاز إلى العراق وكاد يحصل له من ذلك الانفتاق وقال:
قفوا ثم انظروا حالي ... أبو مذقة أكالي
فسمعه الراعي يشدو فأقبل بالمطرق يعدو فلم يشعر الذئب الذاهل
1 / 61