الفاخر
محقق
عبد العليم الطحاوي
الناشر
دار إحياء الكتب العربية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٨٠ هـ
مكان النشر
عيسى البابي الحلبي
بن عاد. وكانت العرب إذا أصابها جَهْدٌ جاءت إلى بيت الله ﵎ فسألت الله فُيعطيهم الله جل وعز مسألتهم إلا أن يسألوا فسادًا. وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق وهم بنو عِمْلِيق بن لاوِذ بن سام بن نوح. وكان سيّد العماليق يومئذ بمكة معاوية بن بكر. فلما قدِم وفدُ عادٍ عليه لأنهم كانوا أخواله وأصهاره، فأقاموا عنده شهرًا يُكرمهم بغاية الكرامة. وفي بعض الأحاديث أقاموا حوْلًا. وكانت عنده جاريتان يقال لهما الجرادتان تُغنّيانهم. فلهوْا عن قومهم شهرًا، فلما رأى ذلك معاوية من طول مُقامهم شقّ عليه وقال: هلك أصهاري وأخوالي، ما لعادٍ خَتَنٌ أشأمُ مني، وإن قلت لهم شيئًا في أمرهم توهَّموا أن هذا بُخلٌ مني. فقال شعرًا ودفعه إلى الجرادتين تُغنيانهم به وهو:
ألا يا قَيْلُ وِيْحك قُمْ فَهَيْنِم ... لَعَلَّ اللهَ يَبْعَثُها غَماما
لِتَسْقِى آلَ عَادٍ إِنَّ عَادًا ... قد أمْسَوا لا يُبينُونَ الكَلامَا
من العَطَشِ الشَّدِيدِ وليس نَرْجو ... لها الشَّيْخَ الكَبِير ولا الغُلاَما
وقد كانت نساؤُهم بخَيْرٍ ... فقد أَمْسَت نساؤُهم عَيامَى
وإنَّ الوَحْشَ تأتِيهم نَهارًا ... ولا تَخْشَى لراميهم سَهاما
وأنتم ها هُنا فيما اشْتَهَيْتُم ... نَهَاركم ولَيْلكم التِماما
فقُبِّحَ وَفْدُكم من وَفْدِ قَوْمٍ ... ولا لُقُّوا التَّحِيَّةَ والسَّلامَا
فلما غنّتهم بهذا الجرادتان قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوَّثون بكم فقاموا ليدعوا، وتخلّف لقمان لأنهم لم يُرَئِّسوه ورأَّسوا قيْلًا فدعوا الله جل وعز
1 / 83