... يا أمير المؤمنين فإن استطعت أن يكون شكرك له حين أخذه منك أفضل من شكرك له حين وهبه لك فافعل ، يا أمير المؤمنين إنه لما وهبه لك أخذ هبته ، ولو / بقي 76 ب لك لم تسلم من فتنته ، أرأيت جزعك عليه ، وتلهفك فراقه ، أرضيت الدنيا لنفسك ، وترضاها لابنك ، أما هو فقد خلص من الكدر ، وبقيت أنت في الخطر ، وأخرج البيهقي في الشعب عن محمد بن عيسى الزاهد قال : بلغنا أن / عبد الرحمن بن مهدي مات 77أ له ابن فجزع عليه جزعا شديدا ، حتى امتنع عن الطعام والشراب ، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي ، فكتب إليه : أما بعد ...
... فعز نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل/غيرك77 ب واعلم أن أمض (¬1) المصائب فقد سرور مع حرمان أجر ، فكيف إذا اجتمعنا على اكتساب وزر ، وأقول شعرا :
... ... إني معزيك لا إني على طمع من الخلود ولكن سنة الدين (¬2)
... ... فما المعزى بباق بعد صاحبه ولا المعزي وإن عاشا إلى حين
/ قال : فكانوا يتهادونه بينهم بالبصرة ، وأخرج أبو بكر محمد بن خلف المعروف 78أ بوكيع في كتاب الغرر من الأخبار عن سهل بن هارون ، قال : التهنئة على أجل الثواب أولى من تهنئة التعزية على المصيبة .
صفحة ٣٠