بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على كل حال ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أضحى به جيد النبوة وهو حال ، وعلى آله وصحبه إلى يوم المآل .
... أما بعد ...
فهذا تأليف لطيف فيما ورد في /موت الأولاد ، سميته فضل الجلد عند فقد الولد 2 ب وضمنته أحاديث ، وآثار ، ونخب حكايات ، واعتبار، وهو ثالث مؤلف ألفته في هذا الباب ، نفع الله به وأثاب ، إنه الكريم الوهاب .
... ذكر الآية الكريمة الواردة في ذلك :
صفحة ١
قال الله تعالى : [ ولنبلونكم بشيء / من الخوف والجوع ونقص من الأموال 3 أوالأنفس والثمرات وبشر الصابرين (155) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون (156) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (157) ] (¬1) نقل الزمخشري في الكشاف عن الإمام /الشافعي رضي الله عنه أنه قال : النقص 3ب من الثمرات موت الأولاد ، وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم ، والطبراني في معجمه الكبير ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عباس في قوله تعالى [ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ] الآية قال :/ أخبر الله تعالى المؤمنين أن 4أ الدنيا دار بلاء ، وأنه مبتليهم فيها ، وأمرهم بالصبر ، وبشرهم فقال تعالى: [ وبشر الصابرين] ، وأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله تعالى ، ورجع ، واسترجع عند المصيبة ، كتب الله له ثلاث خصال من الخير ، الصلاة من الله تعالى ، والرحمة ، وتحقيق سبل / الهدى ، وقال صلى الله عليه وسلم : من استرجع عند المصيبة جبر (¬1) الله مصيبته4ب وأحسن عقباه ، وجعل له خلفا صالحا يرضاه .
... ذكر ما ورد أن موت الأولاد يكفر الخطايا :
صفحة ٢
أخرج مالك في الموطأ ، والبيهقي في الشعب ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله / عليه وسلم قال : لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد 5 أفتمسه النار إلا تحلة القسم ، وفي لفظ لمسلم : من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم تمسه النار إلا تحلة القسم ، قال العلماء رضي الله تعالى عنهم : تحلة القسم : قوله تعالى : [وإن منكم إلا/ واردها ] (¬1) ، قال النووي : والمختار أن المراد به المرور على الصراط5ب وأخرج ابن أبي شيبة ، ومسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : أتت امرأة بصبي لها للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا نبي الله ادع له ، فلقد دفنت ثلاثة من / الولد6أ قالت نعم ، قال : لقد احتظرت بحظار شديد من النار ، أخرج أبو نعيم في عواليه الوحشيات ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذ جاءته امرأة معها ابن لها ، فقالت يا رسول /الله ادع الله تعالى أن يمتعني بابني هذا 6ب فقد ثكلت قبله اثنين ، فدعا للصبي ، فلما ولت قال : ما من عبد يموت له ثلاثة من الولد ، لم يبلغوا الحنث إلا ستر الله كل عضو منه بعضو من ولده من النار ، وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد / والطبراني ، وابن قانع عن الحارث بن أفيش سمعت رسول الله صلى الله عليه7أ وسلم يقول : ما من مسلم يموت له أربعة من الأولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، قالوا يا رسول الله واثنان قال واثنان / وأخرج الدمياطي في 7 ب كتاب التسلي والاعتبار عن الحسحاس بن بكر ، وكانت له صحبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من لقي الله بخمس عوفي من النار ، وأدخل الجنة ، وهي سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله / والله أكبر ، وولد يحتسب ، وأخرج أحمد ، وعبيد بن 8 أحميد في تفسيره ، وابن منده ، وأبو نعيم كلاهما في معرفة الصحابة ، وابن قانع في معجمه ، عن حسان بن كريب أن غلاما توفي بحمص ، فوجد عليه أبوه أشد الوجد ، فقال له حوشب / صاحب النبي صلى الله عليه وسلم : ألا أخبرك بما سمعت من رسول الله8 ب صلى الله عليه وسلم يقوله في مثل ابنك هذا : أن رجلا من أصحابه كان له ابن قد أدرك ، فكان يأتي مع أبيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم /لا أرى فلانا ، قال : يا نبي الله إن ولده توفي ، فوجد عليه ، فقال له النبي صلى الله 9أ عليه وسلم لما رآه : أتحب لو أن عندك ابنك كأجرأ الصبيان جراءة ، أتحب لو أن عندك ابنك كهلا/ كأفضل الكهول ، أو يقال لك ادخل الجنة بثواب ما قد أخذنا منك . وأخرج 9 ب أحمد عن حوشب الفهري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من مات له ولد ، فصبر واحتسب ، قيل له : ادخل الجنة لفضل ما أخذ منك . وأخرج ابن أبي شيبة / وأحمد10أ والبخاري في الأدب ، والطبراني عن أم سليم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، قلت : واثنان ، قال : واثنان . وأخرج الطبراني / عن أم مبشر10ب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أم مبشر من كانت له ثلاثة أفراط من الولد أدخله الله الجنة بفضل الله ، فقالت : أو فرطان ، قال : أو فرطان . وأخرج أبو قرة الزبيدي في سننه عن أم مبشر امرأة من الأنصار أن رسول الله صلى/ الله عليه وسلم قال 11أ لها وهي تصنع حيسا : من هلك ثلاثة من الولد ، فصبر واحتسب ، أدخله الله الجنة ، قالت أو اثنان يا رسول الله ، قال : واثنان يا أم مبشر .
صفحة ٤
وأخرج البزار ، والحاكم ، وصححه عن بريدة ، قالت : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فبلغه أن / امرأة من11ب الأنصار مات ابن لها فجزعت عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه ، فلما دخل علينا قال : أما إنه قد بلغني أنك قد جزعت ، فقالت : ما لي لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الرقوب الذي يعيش / لها 12 أولدها ، إنه لا يموت لامرأة مسلمة ثلاثة من الولد ، فتحتسبهم إلا وجبت لها الجنة ، فقال عمر : واثنين ، قال : واثنين . وأخرج أحمد ، والبيهقي في الشعب عن جابر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مات له ثلاثة من الولد ، فاحتسبهم دخل الجنة ، فقالت : يا رسول الله / واثنان ، قال : واثنان . وأخرج ابن أبي الدنيا في 12ب كتاب العزاء عن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة ، فقالت امرأة : واثنين ، قال : واثنين . وأخرج الطبراني عن جابر بن سمرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه / وسلم : من دفن 13أ ثلاثة فصبر عليهم ، واحتسب ، وجبت له الجنة ، فقالت أم أيمن : واثنين ، قال : واثنين ، فقالت : وواحد ، فسكت ، ثم قال : وواحد ، وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات له ولد ، لم يكن له ثواب إلا الجنة . وأخرج ابن أبي شيبة / عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من 13ب مؤمنين يموت لهما ثلاثة من الأولاد ، لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الجنة بفضل رحمته إياهم .
ذكر ما ورد أن الأولاد يشفعون في آبائهم :
صفحة ٥
... أخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة أن / رسول الله صلى الله عليه وسلم 14أ قال : ذراري المسلمين يوم القيامة تحت العرش شافعين ومشفعين . وأخرج حميد بن زنجويه ، ومسلم ، وأبو نعيم عن أبي حسان ، قال : قلت لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه، توفي لي ابنان ، فحدثني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه / وسلم ، تطيب 14ب به أنفسنا عن موتانا ، قال : صغارهم دعاميص الجنة ، يلقى أحدهم أباه ؛ فيأخذه بضفة (¬1) ثوبك ، فلا ينتهي حتى يدخله الله الجنة وأباه ، ولفظ أبي نعيم : فلا يفارقه حتى يدخله الجنة ، الدعموص : دويبة تكون في الماء ، ويطلق على الدخال / في الأمور ، 15 أوالمعنى أنهم سياحون في الجنة ، دخالون في منازلها ، لا يمنعون من الدخول على الحرم ، قال النووي : وضفت الثوب طرفه ، وناحيته . وأخرج سعيد بن منصور في سننه ، عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رجلا مات ابنه ، فعزاه النبي صلى الله / عليه وسلم ، 15 ب فقال : أما يسرك أن يكون يوم القيامة بإزائك ، يقال له : ادخل الجنة ، فيقول : رب وأبواي ، ولا يزال يشفع حتى يشفعه الله فيكم ، ويدخلكم جميعا الجنة . وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء ، والبيهقي في الشعب ، عن أنس قال : توفي ابن لعثمان بن /مظعون 16أ فاشتد حزنه عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إن للجنة ثمانية أبواب ، وللنار سبعة ، أفما يسرك أن تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك يشفع لك إلى ربك ، قال نعم ، قال المسلمون : يا رسول الله ، ولنا في أفراطنا / مثل ما لعثمان ، 16 ب قال : نعم ، لمن صبر منكم ، واحتسب .
صفحة ٦
وأخرج البيهقي في الشعب ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسالم : ما من مسلمين يموت ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله الجنة ، وأبواهم ، يقول : أنتم وأبواكم بفضل رحمة / الله تعالى . وأخرج ابن سعد ، والطبراني ، وابن السكن ، عن محمد بن سيرين ،17أ قال : حدثتني حبيبة أنها كانت في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما من مسلم يموت له ثلاثة أطفال لم يبلغوا الحنث إلا جيء بهم يوم القيامة حتى يقفوا على باب الجنة / فيقال لهم : أدخلوا الجنة ، فيقولون : حتى يدخل 17ب آباؤنا فقال ابن سيرين : فلا أدري في الثانية ، أو في الثالثة ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم ، قال الحافظ الدمياطي : حبيبة بنت أم حبيبة وزج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخرج أبو / نعيم في الحلية عن أنس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا 18 أكان يوم القيامة نودي في أطفال المسلمين أن اخرجوا من قبوركم ، ثم ينادي فيهم الثانية ، أن امضوا إلى الجنة زمرا ، فيقولون يا ربنا : والدينا معنا ، ثم ينادي فيهم الثالثة أن امضوا إلى الجنة زمرا / فيقولون : يا ربنا والدينا معنا ، فيقول فيه الرابعة : ووالديكم18ب معكم ، فيثب كل طفل إلى أبويه ؛ فيأخذون بأيدهم ، فيدخلون الجنة ، فهم أعرف بآبائهم ، وأمهاتهم يومئذ من أولادكم في بيوتكم ، وأخرج حميد بن زنجوية عن ثوبان / مولى 19أ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ليدخلن الجنة متقعس ومذل ، قيل : يا أبا عبد الله وما المتقعس ، قال : قال ذراري المؤمنين ، ينتشرون في الأرض فتجمعهم الملائكة ، فيقولوا : ادخلوا الجنة ، فيتقعسون ، فيقولون : حتى / يدخلها آباؤنا ، وأمهاتنا 19 ب فيأتون ، فيقول الله تعالى : مالي أراهم محنبطين (¬1) ، أدخلوا الجنة ، فيقولون : يا رب آباؤنا فيقول : ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم ، وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وحميد بن زنجويه ، والبخاري ، ومسلم ، والنسائي ، عن أبي / سعيد الخدري أن النساء قلن : غلبنا عليك 20أ الرجال يا رسول الله ، فاجعل لنا يوما نأتيك فيه ، فوعدهن ميعادا ، فذكرهن ، ووعظهن ، وقال : ما منكن من امرأة يموت لها حجابا من النار ، فقالت امرأة : واثنان ، فإنه مات لي اثنان ، فقال رسول الله صلى الله عليه / وسلم أو اثنان ، وأخرج ابن أبي شيبة ، 20 ب وأحمد ، وحميد بن زنجويه ، وعبد بن حميد في تفسيره ، والترمذي ، وابن ماجة ، والبيهقي في الشعب ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حصنا حصينا / من النار ، قال أبو 21 أذر : قدمت اثنين ، قال : واثنين ، فقال أبي بن كعب سيد القراء : لقد قدمت واحدا ، قال : وواحد ، ولكن إنما ذلك عند الصدمة الأولى ، وأخرج الطبراني في الكبير عن بلال مولى أبي واثلة ، قال : توفي ولد الريان ، وشهده واثلة ، فلما انصرفوا / وقف وائلة على 21ب دمشق ، فمر به الريان ، فقال له واثلة : يا أبا سعيد ، جبر الله مصيبتك ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من دفن ثلاثة من الولد حرم الله عليه النار ، وأخرج البزار في مسنده ، والطبراني عن عثمان بن العاص ، قال : قال رسول الله / صلى الله عليه 22 أوسلم يقول : من دفن ثلاثة من الولد (¬1) لقد استجن بجنة كثيفة من النار ، رجل تسلف بين يديه ثلاثة من صلبه في الإسلام ، وأخرج الدار قطني في الإفراد عن الزبير بن العوام ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث ، كانوا / له حجابا من النار ، أخرج أبو الحسن الترسي في مشيخته عن أنس ، قال : مات 22ب ابن للزبير فجزع عليه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله سنجيء بأنفسنا عن أولادنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث / كانوا له حجابا بينه وبين النار ، أخرج مالك في الموطأ عن أبي 23 أالنضر السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد ، فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار ، فقالت امرأة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو اثنان / قال : أو اثنان ، وأخرج سعيد بن منصور ، والبزار ، والطبراني23ب عن زهير ابن علقمة ، قال : جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن لها مات ، فكان القوم عنفوها ، فقالت : يا رسول الله قد مات لي ابنان منذ دخلت في الإسلام سوى هذا ، فقال / رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد احتظرت من 24أ النار احتظارا شديدا ، وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الصحابة أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها ، فقالت : يا رسول الله ، ادع الله تعالى أن يبقيه لي ، فقد مات لي قبله ثلاثة / فقال : أمنذ أسلمت ، قالت : نعم ، فقال لها النبي صلى الله 24ب عليه وسلم : جنة حصينة ، وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : من قدم ثلاثة من ولده صابرا محتسبا ، حجبوه بإذن الله تعالى من النار ، وأخرج الطبري عن عبد الرحمن بن بشير الأنصاري ، قال ، قال : / رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات له ثلاثة25أ من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار إلا عابر سبيل ، يعني الجواز على السراط ، وأخرج ابن السكن من طريق ابن سيرين عن امرأة يقال لها رجاء الأنصارية ، قالت : كنت عند النبي صلى الله عليه / وسلم فجاءته امرأة بابن لها ، فقالت : يا رسول الله ادع الله 25 ب تعالى لي فيه بالبركة فإنه مات لي ثلاثة منذ دخلت في الإسلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اسمعي يا رجاء ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد في الإسلام /الحنث فقد احتظرت حظارا شديدا من النار . ... ... ... 26أ
ذكر ما ورد أن جزاءه الجنة :
صفحة ١٠
... أخرج حميد بن زنجويه والبخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، يعني ربه: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا / قبضت 26 ب صفيه من أهل الدنيا ثم احتبسه إلا الجنة ، وأخرج البخاري ، والنسائي وابن ماجة عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، وأخرج مسلم ، والنسائي ، وأبو / نعيم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال نسوة من الأنصار قلن لرسول27أ الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نستطيع أن نأتيك ، فقال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم موعدكن بيت فلانه ، فجاء فتحدث معهن ، ثم قال لهن : لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد ، فتحتسبهم إلا / دخلت الجنة ، فقالت امرأة منهن : أواثنان يا رسول الله ، قال : 27 ب أواثنان ، وأخرج أحمد ، والترمذي ، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من مات له فرطان من أمتي ، أدخله الله الجنة ، قالت عائشة رضي الله عنها / ومن مات له فرط ، قال : ومن مات له فرط يا موفقة ، قالت : 28 أفمن لم يكن له فرط ، قال : أنا فرط أمتي ، لن يصابوا بمثلي ، وأخرج أحمد ، وحميد بن زنجويه ، وعبيد بن حميد عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة إلا أدخلهما / الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، فقالوا28 ب يا رسول الله : أو اثنان ، قال : أو اثنان ، قالوا : وواحد ، قال : وواحد ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتبسته ، وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه / وسلم ، قال : أوجب ذو الثلاثة ، قالوا : أو29أ ذو الاثنين ، قال : وذو الاثنين ، وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبخاري في الأدب ، والنسائي ، والبيهقي في الشعب ، عن أبي ذر قال ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا/ الحنث إلا أدخلهم الله 29 ب الجنة ، بفضل رحمته ، وأخرج أحمد ، والطبراني عن عمرو بن عبسة ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مؤمن ولا مؤمنة يقدم ثلاثة أولاد من صلبه ، لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، وأخرج النسائي / عن عبد الله بن 30 أعمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يرضى لعبد المؤمن إذا ذهب بصفيه (¬1) من أهل الأرض ، فصبر واحتسب بثواب دون الجنة ، وأخرج أحمد ، وحميد بن زنجويه ، والطبراني عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : / من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على الله ، وجبت له الجنة ، 30 ب وأخرج أحمد ، وابن سعد في الطبقات ، والطبراني عن أبي ثعلبة الأشجعي ، قال ، قلت : يا رسول الله مات لي ولدان في الإسلام ، أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ، قال الحافظ شرف الدين الدمياطي ، وأبو ثعلبة الأشجعي ، لا يوقف / على اسمه ، وليس له عن 31أ النبي صلى الله عليه وسلم سوى هذا الحديث ، وليس هو بالخشني ، وقد رواه جماعة ، فقالوا عن أبي ثعلبة الخشني ، وهو وهم ، وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن ماجة والبيهقي في الشعب ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن السقط ليراغم / ربه في إدخال أبويه الجنة ، فيقول الله سبحانه وتعالى : أدخل أبويك31 ب الجنة ، فيخرجهما من النار بسرره ، ويدخلهما الجنة ، وأخرج الطبراني في الأوسط عن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن السقط محنبطا بباب الجنة ، يقال له: ادخل الجنة ، / يقول : حتى يدخل أبواي ، وأخرج عبد الرزاق عن هشام 32أ ابن حسان ، عن محمد بن سيرين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوا الحسناء العاقر ، وتزوجوا السوداء ، أي الولود ، فإني أكاثر بكم الأمم يوم القامة ، حتى السقط يظل بباب / الجنة محنبطا ، فيقال له : ادخل الجنة، فيقول : حتى يدخل 32 ب أبواي ، فيقال له : ادخل أنت وأبواك ، وأخرج عن معمر عن عبد الملك بن عمير ، وعاصم بن بهذلة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله : ابنة عم لي ذات مبسم ومال ، وهي عاقر ، أفأتزوجها / فنهاه عنها مرتين ، أو ثلاثا ، ثم قال : 33أ لامرأة سوداء ولود أحب إلي منها ، أما علمت أني مكاثر بكم ، وإن أطفال المسلمين يقال لهم يوم القيامة : ادخلوا الجنة ، فيتعلقون بأحقاء آبائهم وأمهاتهم ، فيقولون : ربنا آباؤنا وأمهاتنا ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم / وآباؤكم ، ثم يجيء بالسقط فيقال له : 33 ب ادخل الجنة ، فيظل متحنبطا يقول : يا رب أبي وأمي حتى يلحق به أبواه ، وقال عن ابن جرير قال : حدثت عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انكحوا الأبكار من الجواري فإنهن أطيب أفواها، وأنظف أرحاما ، وأعز أخلاقا / ألم تعلموا أني مكاثر34 أبكم الأمم ، وإن ذراري المؤمنين في شجرة من عضاة الجنة، يكفلهم أبوهم إبراهيم عليه السلام.
ذكر ما ورد أن الأولاد يتلقون آباءهم من أبواب الجنة الثمانية :
صفحة ١٣
أخرج أحمد ، وابن ماجة ، والطبراني ، وأبو نعيم عن عتبة بن عبد/ الله 34 ب السلمي (¬1) قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد ، لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل ، وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والطبراني ، والنسائي ، وحميد بن زنجويه / وعبد بن حميد35 أوالحاكم ، وصححه ، والبيهقي في الشعب عن قرة بن إياس ، قال : كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بابن له ، قيل له يا فلان تحبه ، قال : بأبي وأمي ، أحبك الله كما أحبه قال : ففقده النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ما فعل ابن فلان / قالوا: توفي، فلقيه 35 ب فقال : ما تحب أن تأتي بابا من أبواب الجنة تستفتح إلا جاء يفتح لك ، قال بعض القوم : أله يا رسول الله وحده ، أم لكلنا ، قال : لا ، بل لكل منكم ، وأخرج أبو سعيد عن معاوية بن قرة عن عمه أنه كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم / يأتيه بابنه ، فيجلسه بين 36أ يديه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أتحبه ، قال : نعم حبا شديدا ، قال : ثم إن الغلام مات ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : كأنك جزعت عليه ، قال : أجل يا رسول الله ، قال : أفما يسرك إذا أدخلك الله الجنة أن تجده / علا بابا من أبوابها 36ب فيفتحه لك ، قال : بلى ، قال : فإنه كذلك ، إن شاء الله تعالى ، قال سعد : لم يسم لنا عم معاوية بن قرة ، وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن بريدة قال : كان رجل (¬2) من الأنصار يجالس النبي صلى الله عليه وسلم ، فمات ولده ، فجزع عليه ، فقال له النبي صلى الله /عليه وسلم : أما يسرك أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته قائما عليه يدعوك 37أ إليه ، قال : نعم ، قال : فهو كما أقول لك .
... ذكر ما ورد أن الولد يسقي أبويه في الموقف :
صفحة ١٥
أخرج ابن أبي الدنيا عن عبيد بن عمير الليثي / في العزاء عن زرارة بن أبي 37ب أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزى رجلا على ابنه فقال : آجرك الله ، وأعظم لك الأجر ، فقال : يا رسول الله أنا شيخ كبير ، وكان ابني قد أجزعني ، فقال : أيسرك أن ينشر لك ، أو يتلقاك من أبواب / الجنة بالكأس ، قال : من لي بذلك يا رسول الله ، 38 أقال : الله لك به ، ولكل مسلم مات له ولد في الإسلام ، وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبيد بن عمير الليثي قال : إذا كان يوم القيامة خرج ولدان المسلمين من الجنة بأيديهم الشراب ، فيقولون لهم الناس : / اسقونا ، فيقولون : أبوينا أبوينا ، حتى السقط يرى محتبطا38 ب بباب الجنة يقول : لا أدخل الجنة حتى يدخل أبواي ، وأخرج الديلمي عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجمع الله أطفال أمة محمد صلى الله عليه وسلم في حياض / تحت العرش ، فيطلع الله تعالى عليهم اطلاعة فيقول : مالي أراكم رافعي 39 أرؤوسكم ، فيقولون : يا ربنا الآباء والأمهات في عطش ، ونحن في هذه ( الحياض ، فيوحي إليهم أن اغرفوا في هذه ) (¬1) الآنية من هذا الماء ، ثم خللوا الصفوف فاسقوا الآباء والأمهات ، وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي / شودب أن رجلا كان له ابن لم يبلغ 39 ب الحلم فأرسل إليه قومه ، فقال : إن لي إليكم حاجة أن تفعلوها ، قالوا : نعم ، قال : إني أريد أن أدعو على ابني هذا أن يقبضه الله إليه ، ويؤمنون على دعائي ، فسألوه عن ذلك فأخبرهم أنه رأى في نومه / أن الناس جمعوا ليوم القيامة ، فأصاب الناس عطش 40أ شديد ، فإذا الولدان قد خرجوا من الجنة ، ومعهم الأباريق ، فأبصرت ابن أخ لي ، فقلت : يا فلان اسقني ( فقال : يا عم إنأ لا نسقي ) (¬1) إلا الآباء، قال الرجل: فأحببت أن يجعل الله ولدي هذا فرطا لي، فدعا ، فلم يلبث الغلام / إلا يسيرا حتى مات ، وقال محمد بن خلف المعروف بوكيع : كان لإبراهيم الجزلي ابن ، وكان له إحدى عشرة (¬2) سنة وقد 40ب حفظه القرآن ، ولقنه الفقه شيئا كثيرا ، فمات ، فجئت أعزيه فقال لي : كنت أشتهي موت ابني هذا ، قلت يا أبا إسحاق أنت عالم الدنيا/ تقول مثل هذا في صبي قد أنجب ، 41 أوحفظ القرآن ، ولقنته الحديث والفقه ، قال : نعم ، رأيت في النوم كأن القيامة قد قامت ، وكأن صبيانا بأيديهم قلال فيها ماء ، يستقبلون الناس يسقونهم ، وكان اليوم يوما حارا شديدا / حره ، فقلت لأحدهم :اسقني من هذا الماء ، فنظر إلي وقال : ليس أنت أبي 41 ب فقلت أيش أنتم ، فقالوا : نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا، وخلفنا آباؤنا نستقبلهم ، فنسقيهم الماء، قال : فلهذا تمنيت موته ، أورده في برد الأكباد .
صفحة ١٦
/ ذكر ما ورد أن الولد يثقل ميزان أبويه : ... ... ... ... 42أ أخرج أبو سعيد ، والنسائي ، وابن حبان ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب عن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخ بخ لخمس ما أثقلهن / في الميزان : لا إله إلا الله ، والله أكبر42 ب ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه ، وأخرج أحمد بن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس بخ بخ لقائلهن : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، والولد الصالح يموت /فيحتسبه ، وأخرج43أ الطبراني في الأوسط ، عن سفيان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخ بخ خمس ما أثقلهن في الميزان : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وفرط صالح يفرطه المسلم ، وأخرج البزار ، وابن السكن في معرفة الصحابة ، عن ثوبان /مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : بخ بخ خمس ما أثقلهن في الميزان 43ب لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، والولد الصالح يتوفى للمرء فيحتسبه ، وأخرج الطبراني عن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : / إني رأيت البارحة عجبا ، رأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة44أ العذاب ، فجاءه وضوؤه فاستنقذه منهم ، وذكر الحديث إلى أن قال : ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه ، فجاءه أفراطه ، فثقلوا ميزانه ، وفي برد الأكباد قال خلاد بن منصور الواسطي ، حدثنا داوود بن أبي هند ، قال : رأيت / في المنام كأن القيامة قد قامت ، 44ب وكأن الناس يدعون إلى الحساب ، فقربت الميزان ، فوضعت حسناتي في كفة ، وسيئاتي في كفة ، فرجحت السيئات على الحسنات ، فبينما أنا كذلك مغموم إذ أتيت بشيء كالمنديل ، أو الخرقة البيضاء ، فوضعت / مع الحسنان ، فرجحت ، فقيل لي : تدري (¬1) ما هذا ،45أ قلت : لا قال : سقط كان لك ، فإنه قد مات لي صبية ابنة لي ، فقيل لي : تلك ليست لك ؛ لأنك كنت تتمنى موتها ، وأخرج حميد بن زنجويه عن بكر بن عبيد قال : رئي لامرأة أنها أتي بها إلى كفة / الميزان ، فوضعت فيه ، ووضع في الكفة الأخرى جبل أحد ، 45ب فرجحت به ، فقال الناس : ما رأينا مثل هذا قط ، فقيل : إنه توفي لها اثنا عشر من الولد ، فكانت تكظم الزفرة ، وترد العبرة .
فضيلة تقديم الأولاد على تخليتهم :
صفحة ١٨
أخرج مسلم / عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 46أ ما تعدون الرقوب فيكم ، قلنا : الذي لا يلد له ولد ، قال : ليس ذاك بالرقوب ، ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا ، قال أبو عبيد : الرقوب في اللغة معناه فقد الأولاد في /الدنيا (¬1) ، فجعله الله فقدهم في الآخرة ، فكأنه حول الموضع إلى غيره، وأخرج البزار46 ب عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تعدون الرقوب فيكم ، قالوا : هو الذي لا ولد له ، قال : هو الذي لا فرط له ، وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة / رضي47أ الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تعدون الرقوب فيكم ، قالوا : الذي لا ولد له ، قال : هو الذي لا فرط له ، وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن معاوية بن قرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لناس من الأنصار : ما / تعدون47ب الرقوب فيكم ، قالوا : الذي لا ولد له ، قال :لا ، ولكنه الذي لا فرط له ، قال : فما تعدون العائل فيكم ، قالوا : الذي لا مال له ، قال : لا ، ولكنه الذي لم يقدم لنفسه خيرا ، وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن رجاء بن جميلة الأيلي ، رفعه إلى النبي صلى / الله عليه48أ وسلم ، قال : من مات ولم يقدم فرطا لم يدخل الجنة إلا تصريدا ، قيل : يا رسول الله وما الفرط ، قال : الولد ، وولد الولد ، والأخ الذي تخاويه في الله تعالى ، فمن لم يكن له فرط فأنا فرطه ، التصريد دون الري ، وأخرج ابن أبي / الدنيا عن عمرو بن شعيب48ب عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قدم من صلبه ذكرا لم يبلغ الحنث كان أفضل أن يخلف من بعده مائة كلهم يجاهدون في سبيل الله ، لا تسكن روعتهم إلى يوم القيامة ، وأخرج / ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : قال رسول الله 49أ صلى الله عليه وسلم : لئن أقدم سقطا أحب إلي أن أخلف مائة فارس كلهم يقاتلون في سبيل الله تعالى ، وأخرج ابن أبي الدنيا عن أيوب بن موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير : يا زبير/ إنك إن تقدم سقطا خير من أن تدع من بعدك من ولدك مائة كلهم 49 ب على فرس يجاهدون في سبيل الله ، وأخرج أبو نعيم ، والدمياطي عن نبيط بن شريط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل قد حمل ولده : متعك الله / به ، أما إني لو50 أقلت لك : بارك الله فيه لفقدته ، وأخرج أبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في شعب الإيمان عن كثير بن تميم الدري ، قال : كنت جالسا مع سعيد بن جبير ، فطلع عليه ابنه عبد الله ، وكان من أهل الفقه ، فقال سعيد : إني لأعلم خير خلة فيه ، قيل : وما قي ، / قال : 50ب أن يموت فأحتسبه ، وأخرج أبو نعيم عن عمرو بن ميمون بن مهران قال : كنت مع أبي ، فلقي مكحولا ومعه فتى ، فقال له أبي : من هذا ، قال : ابني ، قال : كيف رضاك عنه ، قال : ما بقيت خصلة من خصال الخير إلا قد رأيتها فيه إلا واحدة ، قال : وما هي ، قال : كنت أحب / أن يموت فأؤجر فيه ، وأخرج أبو نعيم عن أبي مسلم الخولاني قال : لئن 51 أيولد لي مولود يحسن الله نباته حتى إذا استوى شبابه ، وكان أعجب ما يكون إلا قبضه الله مني أحب إلي من أن تكون لي الدنيا وما فيها ، وفي برد الأكباد عن حميد / بن عبد51 ب الرحمن الحميري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل ، فقال : يا رسول الله مالي من ولدي ، قال : ما قدمت منهم ، قال : فمن خلفت من بعدي ، قال : لك منهم ما لمضر من ولده ، وقال حميد : لئن أقدم سقطا أحب إلي وأحسن ، وأخرج عن أبي الأخوص / عوف بن مالك الجشمي قال : دخلنا على ابن مسعود وعنده بنون له ثلاثة غلمان52أ كأنهم الدنانير حسنا ، فجعلنا نتعجب من حسنهم ، فقال : كأنكم تغبطون بهم ، قلنا : أي والله ، فرفع رأسه إلى سقف بيت له صغير ، قد عشعش فيه خطاف ، وباض ، فقال : والذي / نفسي بيده لأن أكون نفضت52ب يدي من تراب قبورهم أحب إلي من أن يسقط عش هذا الخطاف ، وينكسر بيضه ، وأخرج ابن المبارك في الزهد عن عياض بن عقبة الفهري أنه مات ابن له ، فلما نزل في قبره قال رجل : والله إن كان لسيد الجيش / فاحتسبه فقال : وما يمنعني ، وقد كان بالأمس من زينة الحياة الدنيا ، وهو اليوم53 أمن الباقيات الصالحات ، وأخرج حميد بن زنجويه من طريق الليث بن سعد عن زيدان بن حبيب أن ابنا للعياض بن عقبة حضرته الوفاة ، وعياض غائب ، فقالت أم / الغلام لو 53ب كان أبو وهب حاضرا (¬1) لقرت عينه ، قال الليث : فلما حضرت الوفاة عياض بن عقبة قال لأخيه أبي عبيد : ليهنيك الظفر ، قد كنت أرجو أن تكون قبلي فأحتسبك ، وأخرج حميد بن زنجويه عن سهيل بن الحنظلية الأنصاري ، وكان لا يولد له ولد ،( لأن يولد لي في الإسلام ولد ) (¬2) أو سقط / فأحتسبه أحب لي من أن تكون الدنيا لي جميعا . ... ... 54 أذكر كثرة الأجر في موت الولد :
أخرج أبو بكر محمد بن خلف ، المعروف بوكيع في كتاب الغرر من الأخبار ، والطبراني في الأوسط ، وأبو أحمد العسكري في المواعظ من طرق عن معاذ بن جبل ، / قال : مات ابن لي فكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : من محمد رسول الله54ب إلى معاذ بن جبل ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ...
صفحة ٢١
... فعظم الله لك الأجر ، وألهمك الصبر ، ورزقنا وإياك الشكر ، ثم إن أنفسنا وأهلينا وأولادنا / من مواهب الله تعالى الهنية ، وعواريه المستودعة ، متع الله به في 55 أغبطة وسرور ، وقبضه بأجر كبير ، إن صبرت واحتسبت فلا تجزعن عليه يا معاذ تحرم أجرك ، فتندم على ما فاتك لو قدمت على ثواب مصيبتك ، إن المصيبة قد قصرت ، واعلم / أن الجزع لا يردميتا ، ولا يدفع حزنا ، فليذهب اسمك على ما هو نازل بك ، فكأن 55 ب قد ، والسلام ، وأخرج عبد الرزاق في المصنف ، وأحمد بن حنبل في الزهد ، والبيهقي في الشعب عن زيد بن أسلم ، قال : مات ابن لداود عليه / السلام ، فجزع عليه جزعا 56 أشديدا ، فقيل له : ما كان يعدل عندك ، قال : كان أحب إلي من ملء الأرض ذهبا ، قيل : فإن لك من الأجر على قدر ذلك .
ذكر الحمد والاسترجاع عند المصيبة :
صفحة ٢٢
أخرج أحمد والترمذي ، وحسنه ، وحميد / بن زنجويه ، والطبراني عن أبي 56 ب سفيان ، قال : دفنت ابني سنانا (¬1) ، وأبو طلحة الخولاني جالس على شفير القبر ، فلما أردت الخروج أخذ بيدي ، فقال : ألا أبشرك يا أبا سنان ، قلت بلى ، قال : حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم عن أبي / موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه 57 أوسلم قال : إذا مات ولد العبد ، قال الله لملائكته : قبضتم روح ولد عبدي ، فيقولون : نعم ، فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ، فيقولون : نعم ، فيقول : ماذا قال عبدي ، فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول / الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة ، وسموه بيت الحمد ،57 ب وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن أبي بكر بن أبي مريم ، قال : سمعت أشياخنا يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أهل المصيبة لتنزل بهم فيجزعون ، وتسوء روعتهم / فيمر بها مار من الناس ، فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فيكون فيها 58أ أعظم أجرا من أهلها ، وأخرج أحمد وابن ماجة ، والبيهقي في الشعب عن الحسين بن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصيب بمصيبة ، فذكر مصيبته ، وأحدث / استرجاعا ، وإن تقادم عهدها ، كتب الله له من الأجر مثل يوم أصيب ، وأخرج 58 ب سعيد بن منصور من حديث عائشة مثله ، وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن شهر بن حوشب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يذكر مصيبته وإن قدمت إلا / حدد الله له أجرها ، وأخرج ابن أبي الدنيا عن سعيد بن المسيب رفعه : من 59 أاسترجع بعد أربعين سنة ، أعطاه الله ثواب مصيبته يوم أصيبها ، وأخرج ابن أبي الدنيا عن كعب قال : ما من رجل تصيبه مصيبة ، فيذكرها بعد أربعين سنة ، فيسترجع إلا أجرى الله له / أجرها تلك الساعة كأنه استرجع يوم أصيب ، وأخرج البيهقي في الشعب عن 59 ب سعيد بن جبير ، قال : لم يعط أحد من الأمم الاسترجاع غير هذه الأمة ، أما سمعت قول يعقوب عليه السلام [يا أسفى على يوسف] (¬1) ، وأخرج ابن أبي / الدنيا في كتاب الشكر 60أ والبيهقي في الشعب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ، قال : قال : أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة : من كان عصمة أمره لا إله إلا الله ، وإذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وإذا أعطي / شيئا قال : الحمد لله ، 60 ب وإذا أذنب ذنبا قال : أستغفر الله ، وأخرج سعيد بن منصور عن يحيى بن جابر أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما يحبط الأجر في المصيبة ، قال : تصفيق الرجل بيمينه على شماله ، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر / بن محمد قال : من ضرب 61أ بيده عند مصيبته حبط أجره .
ذكر ما ورد في البكاء والحزن من غير نوح ولا جزع :
صفحة ٢٤
أخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجة عن أسامة بن زيد ، قال : أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه / وسلم بعض بناته إن ابنا لها61ب في الموت ، فأشهدنا ، فأرسل إليها يقرأ السلام عليها ، ويقول : إن لله ما أخذ ، وما أعطى ، وكل شيء عنده إلى أجل مسمى فلتصبر ولتحتسب ، فأرسلت تقسم عليه ، فقام وقمنا ، فرفع الصبي إلى حجر رسول الله صلى الله عليه / وسلم ، ونفسه تقعقع ،62أ وفي القوم سعد بن عبادة ، وأبي ، فأفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له سعد : ما هذا يا رسول الله ، قال : هذه رحمة يضعها الله في قلوب من يشاء من عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ، وأخرج / الترمذي وصححه ، والبزار ، والبيهقي62ب في الشعب عن جابر بن عبد الله قال : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف ، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم ، فوجده يجود بنفسه ، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضعه في حجره ، فبكى ، فقال له /عبد الرحمن : أتبكي ، أولم تكن نهيت 63 أعن البكاء ، قال : لا ، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند مصيبة ، خمش وجوه ، وشق جيوب ، وزنة شيطان ، إنه لا يرحم من لا يرحم ، لولا أنه حق ، ووعد صدق ، أنها سبيل لا بد منها حتى / يلحق آخرنا بأولنا لحزنا حزنا هو أشد 63 ب من هذا ، وإنا به لمحزونون ، تبكي العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، وأخرج البخاري عن أنس بن مالك قال : دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي يوسف ، وكان / ظئرا لإبراهيم ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم ، فقبله 64أ وشمه ، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه ، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله ، فقال : يا عبد الرحمن ، إنه / رحمة ، ثم أتبعها بأخرى ، فقال : إن العين تدمع ، والقلب يحزن ،64 ب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ، وأخرج ابن ماجة عن أسماء بنت يزيد ، قالت : لما توفي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم ، بكى رسول الله صلى الله عليه / وسلم ، فقال له المعزي ، إما أبو بكر أو عمر : 65 أأنت أحق من عظم الله حقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، لولا أنه وعد صدق ، وموعد جامع ، ولولا أن الآخر تابع للأول لوجدنا عليك يا إبراهيم / أفضل مما وجدنا ، وإنا بك لمحزونون ، 65 ب وأخرج النسائي ، وابن ماجة عن أبي هريرة ، قال : مات ميت من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمع النساء يبكين عليه ، فقام عمر ينهاهن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عمر دعهن ، فإن العين دامعة ، والنفس مصابة / والعهد قريب ، وأخرج66أ ابن سعد عن ابن عباس ، قال : لما ماتت رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إلحقي سلفنا عثمان بن مظعون ، فبكت النساء على رقية ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده ، ثم قال : يا عمر دعهن يبكين ، ثم قال : إبكين وإياكن ونعيق / الشيطان ، فإنه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة ، 66ب ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان ، فقعدت فاطمة إلى شفير القبر إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعلت تبكي ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه ، وأخرج / أبو سعيد ، والبخاري ، والترمذي في الشمائل عن67 أأنس بن مالك ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر ابنته أم كلثوم ، فرأيت عيناه تدمعان ، وأخرج البخاري ، ومسلم عن عبد الله بن عمر ، قال : اشتكى سعد بن عبادة شكوى له ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم ليعوده / مع عبد الرحمن بن67ب عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن مسعود ، فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله ، فقال : قد قضى ، قال : لا يا رسول الله ، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا ، فقال : ألا تسمعون أن الله تعالى/ لا 68 أيعذب بدمع العين ، ولا بحزن القلب ، ولكن يعذب بهذا ، وأشار إلى لسانه ، أو يرحم ، وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وعبد بن حميد في تفسيره ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصبر عند الصدمة الأولى لا يملها ابن آدم سبابة / إلى ابن أخيه ، وأخرج ابن سعد عن خالد بن سمير قال : لما أصيب زيد بن ح68 ب ارثة لقاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فخمشت بنت زيد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتحب ، فقال سعد بن عبادة : يا رسول / الله ما هذا قال : شوق الحبيب إلى حبيبه ، وأخرج ابن سعد عن يونس بن عبيد ،69أ قال : لما مات سعيد ابن أبي الحسن ، حزن عليه أخوه الحسن حزنا شديدا ، وأمسك عن الكلام حتى عرف ذلك في مجلسه ، فكلم في ذلك ، فقال : الحمد لله الذي لم يجعل الحزن / عارا على يعقوب ، ثم قال : بئست الدار المطرقة ، وأخرج ابن سعد عن مبارك بن69ب فضالة ، قال : دخلنا على الحسن حين نعي إليه أخوه ، وهو يبكي ، فقيل له : يا أبا سعيد إنك تعلم الناس ، وإنهم يرونك تبكي ، فيذهبون بهذا إلى عشائرهم ، فيقولون : رأينا الحسن يبكي / عند المصيبة فيحتجون به على الناس ، فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، وقد 70أ خنقته العبرة ، فقال : الحمد لله أن جعل هذه الرحمة في قلوب المؤمنين ، فيرحم بها بعضهم بعضا ، فتدمع العين ، ويحزن القلب ، وليس ذلك بجزع ، إنما الجزع ما كان من اللسان / أو اليد ، إن الله لم يجعل حزن يعقوب عليه ذنبا ، إذ قال : ... ... ... 70 ب
[ وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ] (¬1) .
ذكر ما ورد في التسلي والاعتبار :
صفحة ٢٨
أخرج ابن ماجة ، والطبراني في الأوسط ، والبيهقي في الشعب عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم / قال في مرض موته : يا أيها الناس من أصيب منكم بمصيبة71 أمن بعدي فليعتبر بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بعدي ، فإنه ما من أحد من أمتي لن يصاب من بعدي بمثل مصيبته بي ، وأخرج مالك في الموطأ ، وابن أبي / الدنيا71 ب في العزاء عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ليعز المسلمين في مصائبهم المصيبة بي ، وأخرج الطبراني ، والبيهقي في الشعب عن عبد الرحمن بن سابط عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه/ وسلم : 72 أمن أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي ، فإنها أفضل المصائب ، وأخرج ابن أبي الدنيا عن عطاء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اشتد حزن أحدكم على هالكه فليذكرني ، وليعلم أني قد مت ، وأخرج ابن أبي/ الدنيا عن بكر بن عبد الرحمن بن المسور 72ب بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من عظمت مصيبته فليذكر مصيبته بي ، فإنها ستهون عليه ، وأخرج ابن أبي الدنيا في الاعتبار ، والطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال : كان بمكة مقعدان لهما ابن / شاب ، فكان يكتسب عليهما يومه ، 73أ فإذا كان المساء احتملهما ، فمات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو ترك أحد لأحد ترك ابن المقعدين ، وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الاعتبار عن ابن سابط قال : قال رسول الله صلى / الله عليه وسلم : لو ترك شيء لحاجة ، أو لغاية ، لترك الهذلي لأبويه ، 73 ب وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي الدرداء قال : مات ابن لسليمان بن داود عليهما السلام ، فوجد عليه وجدا شديدا حتى أثر ذلك فيه ، وفي قضائه ، فبرز ذات / يوم إذ 74أ جاءه ملكان في صفة رجلين ، فتداعيا بين يديه ، فقال أحدهما : إني بذرت بذرا حتى إذا اشتد واستحصد مر هذا به فأفسده ، فقال للآخر : ما تقول : قال صدق ، أخذت الطريق ، فأتيت على زرع ، فنظرت يمينا وشمالا فإذا الطريق على ما أخذت/ عليه ، فقال 74ب سليمان للآخر : ام بذرت على الطريق ، أما علمت أن ما أخذ الناس على الطريق ، فقال : يا سليمان لم تحزن على ابنك ، وأنت تعلم أنك ميت ، وأن سبيل الناس إلى الآخرة ، وأخرج ابن أبي الدنيا في الاعتبار عن ابن لهيعة أن ذا القرنين / لما حضرته الوفاة كتب إلى75 أأمه : إذا أتاك كتابي فاصنعي طعاما ، فاجمعي عليه النساء ، فإذا جلسن فاعزمي عليهنأن لا تأكل منهن امرأة ثكلى ، ففعلت ، فغلقن أيديهن كلهن ، فقالت : ألا تأكلن ، لكن ثكلى قلن إي والله ، ما منا امرأة إلا وقد اثكلت / قالت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هلك ابني ، 75 ب ما هذا إلا تعزية لي ، وأخرج ابن سعيد عن بكار بن محمد ، قال : ولد لمحمد بن سيرين ثلاثون ولدا من امأة واحة ، ل يبق منهم غير عبد الله ، وأخرج البيهقي في الشعب عن محمد بن الحسن الهمداني ، قال : / توفي للرشيد ابن ، فكتب إليه الفضيل بن 76أ عياض : أما بعد ...
صفحة ٢٩
... يا أمير المؤمنين فإن استطعت أن يكون شكرك له حين أخذه منك أفضل من شكرك له حين وهبه لك فافعل ، يا أمير المؤمنين إنه لما وهبه لك أخذ هبته ، ولو / بقي 76 ب لك لم تسلم من فتنته ، أرأيت جزعك عليه ، وتلهفك فراقه ، أرضيت الدنيا لنفسك ، وترضاها لابنك ، أما هو فقد خلص من الكدر ، وبقيت أنت في الخطر ، وأخرج البيهقي في الشعب عن محمد بن عيسى الزاهد قال : بلغنا أن / عبد الرحمن بن مهدي مات 77أ له ابن فجزع عليه جزعا شديدا ، حتى امتنع عن الطعام والشراب ، فبلغ ذلك محمد بن إدريس الشافعي ، فكتب إليه : أما بعد ...
... فعز نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل/غيرك77 ب واعلم أن أمض (¬1) المصائب فقد سرور مع حرمان أجر ، فكيف إذا اجتمعنا على اكتساب وزر ، وأقول شعرا :
... ... إني معزيك لا إني على طمع من الخلود ولكن سنة الدين (¬2)
... ... فما المعزى بباق بعد صاحبه ولا المعزي وإن عاشا إلى حين
/ قال : فكانوا يتهادونه بينهم بالبصرة ، وأخرج أبو بكر محمد بن خلف المعروف 78أ بوكيع في كتاب الغرر من الأخبار عن سهل بن هارون ، قال : التهنئة على أجل الثواب أولى من تهنئة التعزية على المصيبة .
صفحة ٣٠
ذكر التسلي بما يصيرون / إليه من النعيم : ... ... ... 78 ب أخرج أحمد وابن أبي الدنيا في العزاء ، وابن أبي داود في البعث والنشور عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة عليهما السلام حتى يرداهم إلى/ آبائهم يوم القيامة ، وأخرج ابن أبي79أ حاتم عن ابن مسعود قال : إن أرواح الشهداء في أجواف طيور خضر في قناديل تحت العرش ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، ثم ترجع إلى قناديلها ، وأرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة / حيث شاءت ثم ترجع إلى قناديلها ، وأخرج ابن 79 ب أبي شيبة في المصنف ، والبيهقي في البعث والنشور من طريق ابن عباس عن كعب قال : أرواح المؤمنين / الشهداء في طيور خضر تسرح في الجنة ، وأرواح أطفال المؤمنين80 أفي عصافير في الجنة ، وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولدان المسلمين أين هم ، قال : في الجنة ، وأخرج ابن أبي الدنيا /عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سعادة المرء أن يستيقن أن 80ب بضعة من لحمه في الجنة ، يكفلهم أبوهم إبراهيم عليه السلام ، وأخرج هناد بن السري في الزهد عن هذيل قال : أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ، وأولاد المسلمين / الذين لم يبلغوا الحنث عصافير من عصافير الجنة ترعى ، وتسرح ، وأخرج ابن أبي81أ الدنيا عن خالد بن معدان قال : إن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى ، كلها ضروع ، فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى ، وحاضنهم إبراهيم خليل / الرحمن عليه السلام ، وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : إن في الجنة 81 ب شجرة يقال لها طوبى ، لها ضروع ، فترضع صبيان أهل الجنة ، وإن سقط المرأة في نهر من أنهار الجنة ، يتقلب فيه حتى تقوم الساعة /يبعث ابن أربعين سنة ، وأخرج ابن 82أ أبي الدنيا ، والخلاال في السنة عن عبيد بن عمير قال : إن في الجنة لشجرة لها ضروع كضروع البقر يغذى بها ولدان أهل الجنة حتى أنهم ليستنون ويلعبون ، أي يمرحون كاستنان البكارة ، وأخرج / البخاري عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله 82 ب عليه وسلم ، قال : أتاني الليلة آتيان ، وأنهما انبعثا في الحديث ، وفيه : فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور (¬1) الربيع ، وإذا بين ظهراني الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه في السماء طولا / وإذا حول الرجل من أكثر ولدان ما رأيتهم قط ، إلى أن قال : 83 أوأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة ، وفي لفظ في تاريخ ابن عساكر ، قلت : أخبرني عن الروضة / قال أولئك الأطفال وكل بهم إبراهيم يربيهم إلى يوم القيامة ، وأخرج الطبراني 83ب والحاكم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا نائم إنطلق بي إلى جبل وعر ، وذكر الحديث ، وفيه : ثم انطلق بي حتى أشرفت على غلمان يلعبون بين نهرين / قلت : من هؤلاء ، قال : ذراري المؤمنين ، يحضنهم إبراهيم عليه السلام 84أ ، وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن علي بن أبي طالب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر ، ثم قال : رأيت ملكين أتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى سماء الدنيا / فذكر الحديث ، وفيه فمضيت فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ جميل ، لا84ب أجمل منه ، وإذا حوله الولدان ، وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة ، إلى أن قال : وأما الروضة فتلك جنة المأوى ، وأما الشيخ الذي رأيت فهو إبراهيم ، وحوله ولدان / المسلمين ، وأما الشجرة فهي سدرة المنتهى ، وأخرج الطبراني عن عبد الله بن 85أ عمران أن رجلا من الأنصأر كان له ابن يروح معه إذا راح إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتحبه ، قال : نعم ، فلم يلبث الولد أن مات ، فراح إلى /لنبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال85 ب له : أجزعت ، قال : نعم ، قال : أو ما ترضى أن يكون ابنك مع إبراهيم يلاعبه تحت ظل العرش ، قال : بلى يا رسول الله ، وأخرج عبد الرزاق والفريابي ، وسعيد بن /منصور86 أوابن أبي شيبة في المصنف ، وعبد بن حميد والحاكم وصححه ، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى:[ كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين ] قال : هم أطفال المسلمين ،وأخرج ابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور/ وابن المنذر86 ب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى : [كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين] (¬1) قال هم أطفال المسلمين يحاسبون ، وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى [أصحاب اليمين] / قال : أطفال 87 أالمسلمين،وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل ، لتقر بهم عينه ، ثم قرأ : [والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم / وما ألتناهم من عملهم87ب من شيء] (¬2) قال : ما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين ، وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن جبير أنه سئل عن أولاد المؤمنين ، قال : هم خير من آبائهم ، إن كان الأب خيرا من الأم فهو مع الأب ، وإن كانت الأم خيرا من الأب ، فهو مع الأم ، وأخرج / ابن أبي الدنيا في88أ العزاء عن ابن مسعود قال : أطفال المسلمين ملوك يخدمون في الجنة ، وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن مسعود قال : أطفال المشركين خدم أهل الجنة ، وأطفال المسلمين ملوك على الأسرة مع آبائهم في الجنة يخدمون ، وأخرج / أبو بكر القنواني في مشيخة88 ب أبي الفرج الصيرفي عن وهب قال : قرأت في بعض الكتب أن موسى عليه السلام قال : يا رب أي الأعمال أحب إليك، قال : أطفال الصبيان فإنهم حظوتي ، وإذا ماتوا أدخلتهم جنتي .
ذكر نبذ من الأشعار :
صفحة ٣٤
أخرج / أبو بكر محمد بن خلف المعروف بوكيع في كتاب الغرر من الأخبار 89أ عن سعد مولى سليمان بن علي قال : عزى أعرابي عمر بن عبد العزيز على ابن له فقال هذين البيتين :
نعزي أمير المؤمنين فإنه لما قد يرى يغذى الصغبر ويولد (¬1)
هل ابنك إلا من سلالة آدم / لكل على حوض المنية مورد 89 ب
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأشراف عن شيخ من آل ميمون بن مهران أن الحجاج أصيب بابن له ، فاشتد حزنه عليه ، فدخل ، فغير ثيابه ، ومس شيئا من الطيب ، وجلس ، وأذن للناس ، فلم يتكلموا ، فرفع ، فقال هذا البيت :
/حسبي ثواب الله من كل نكبة وحسبي ثواب الله من كل هالك (¬2) ... ... 90أ
وأخرج أبو بكر وكيع عن الأصمعي ، قال : مات ابن لنافع بن علقمة ، فجزع عليه ، وكان له مجلس فتركه حولا حتى أشرف يوما على موضع الجنائز ، فرأى جنازة ترفع ، وأخرى توضع ، فقال :
/فما أنا بالمتروك من بين من أرى ولكن أتتني نوبتي في النوائب (¬3) 90 ب
وأخرج أبو الحسين بن المهتدي بالله في فوائده عن عبد الله بن الوضاح ، قال : وقف عبد الملك على قبر ابنه ، فقال هذين البيتين :
صفحة ٣٥
... وما الدهر والأيام إلا كما ترى رزية مال أو فراق حبيب (¬4) ... /وإن امرءا قد جرب الدهر لم يخف تقلب حاليه لغير لبيب 91أ
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الاعتبار ، قال : لما احتضر أيوب بن سليمان ابن عبد الملك ، دخل عليه أبوه وهو يجود بنفسه ، ومعه عمر بن عبد العزيز ، وسعد بن عتبة ، ورجاء بن حيوة ، فخنقته / العبرة ، وقال : ما يملك العبد أن يسبق إلى قلبه 91ب الوجد ، وليست منكم حشيمة ، وإني أجد في قلبي لوعة إن لم أسكنه بعبرة انصدعت كبدي كمدا ، أو أسفا ، فقال عمر بن عبد العزيز : يا أمير المؤمنين الصبر أولى بك ، فنظر إلى سعد ورجاء نظرة / مستعتب فقال له رجاء : يا أمير المؤمنين افعل ما لم يأت الأمر 92أ المفرط ، فقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على ابنه إبراهيم ، وقال : تدمع العين ، ويخشع القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، فبكى سليمان بكاء شديدا ، ثم رقأ عبرته ، وغسل وجهه ، ومات أيوب ، فلما فرغ / من دفنه وقف على قبره ، ثم نظر92ب إليه ، ثم قال :
كنت لنا أنسا ففارقتنا فالعيش من بعدك مر المذاق (¬1)
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أيوب في الاعتبار ، عن عبد الله بن الأجلح الكندي ، قال : كانت امرأة من بني عامر بن صعصعة ، وكان لها تسعة من الأولاد ، فدخلوا غارا وأمهم/معهم ، فخرجت لحاجة ، وتركتهم ، فرجعت وقد سقط الغار عليهم ، فجعلت 93أ تسمع أنينهم حتى ماتوا فقالت :
صفحة ٣٦
ربيتهم تسعة حتى إذا اتسقوا أفردت منهم كقرن الأعضب الوحد (¬2) وكل أم وإن سرت بما ولدت يوما ستثكل ما ربت من الولد
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي / يعقوب النصري قال : كان لبني العباس مولى يقال 93ب له الوزير بن عبد الله ، وكان قد عمر حتى فقد ماله وولده ، فلم يبق له إلا ابن واحد يقال له إبراهيم ، فكان إبراهيم يقروه ويرفق به ، والشيخ شبيه بالولد ، فمات ابنه ، فأخذ الجيران في مصلحته ، حتى إذا / أصلحوا شأنه وحملوا سريره ، وخرج يهرج قدام 94أ الجنازة ، فلما انتهوا به إلى شفير القبر ضرب بيده إلى كفه ، ثم قال :
إني لأصبر من يمشي على قدم غداة ألقي إبراهيم في الرمم (¬1)
يا من لعين أباد الدهر قرتها ومن لسمع رماه الدهر بالصمم
قالوا أطلت الأسى فارجع إليك وقل / بكيت حبي ما لم أبكه بدم 94ب
بدلت من فرحي الماضي به ترحا وعاد عهد أبي إسحاق كالحلم
والله موضع ما أشكو وغايته وبالإله من الشيطان معتصم
فقال ما أنا قبل اليوم قائله وبالإله سداد الفعل والكلم
ما ضر من قال يبري الوجد صاحبه وقد بقيت ووجدي ليس بالأمم
/ وقال ابن أبي الدنيا : أنشدني ابن الأعرابي يرثي ابنا له ، وجد عليه (¬2) : 95أ
لعمري لقد أورثت قلبي حسرة ... ملازمة ما حج لله راكب
سأبكيك ما هبت رياح من الصبا وما طلعت شمس ولاحت كواكب حملتك يا سؤلي ومجسمك للبلا على الرغم مني والدموع سواكب
/وأهديت ما قدكنت منك أصونه إلى حفيرة إني إلى الله راغب 95 ب
صفحة ٣٧