وعيصو هو أبو الروم وكان الروم رجلا أصفر شديد الصفرة في بياض ومن أجل ذلك سميت الروم بني الأصفر. قالوا وكانت أم الروم بنت إسماعيل بن إبراهيم وولد من الروم خمسة نفر فكل من بأرض الروم من نسل هؤلاء الرهط. قالوا ولما سبقه يعقوب إلى دعوة إسحاق فصارت النبوة في ولده دعا لعيصو بالنماء والكثرة فالروم كلها من ولده وبعض الناس يزعم أيضا أن الأشبان من ولده. وقالوا النبط ابن ساروح بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح ويقال إنه ابن ماش بن سام بن نوح. قالوا وأهل فارس من ولد لاوذ بن أرم بن سام بن نوح وكان كثير الولد فنزل أرض فارس فأجناس الفرس كلهم من ولده.
[1.6.7]
فليس بين هؤلاء وبين إسحاق بن إبراهيم على ما ذكر النسابون نسب يجمعهم إلا سام بن نوح والناس يجتمعون في ولادة شيث بن آدم ثم في ولادة نوح ثم يتشعبون فولد نوح أربعة نفر سام وحام ويافث ويام.
[1.6.8]
فأما يام فهلك بالطوفان فلا عقب له وهو الذي قال له أبوه {يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين} وأما حام فإن أباه لعنه ودعا عليه بأن يكون عبدا لأخويه فخملت ذريته وسقطت فيه فهم النوبة وفزان والزغاوة وأجناس السودان والسند والقبط. وأما يافث فإن أباه دعا له بالنماء والكثرة فولد الصقالب والترك ويأجوج ومأجوج وأمما عدد الرمل والحصى في مشارق الأرض. فأما سام فبارك عليه فأشراف الناس من ولده فهم العماليق ومنهم الجبابرة وفراعنة مصر وملوك فارس ومن ولد سام الأنبياء جميعا بعد نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم ومن بعده إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
[1.6.9]
فالعرب وفارس يتساوون في هذه الجملة وتفضلها العرب بعدها بأنها من ولد إسماعيل بن إبراهيم فهي أدنى من خليل الله دناوة وأمس به رحما ثم تتساوى العرب وفارس في أن الفريقين ملكوا وتفضلها العرب بأن قواعد ملكها نبوة وقواعد ملك فارس استلاب وغلبة وتفضلها العرب بأن ملكها ناسخ وملك فارس منسوخ وتفضلها بأن ملكها متصل بالساعة وملك فارس محدود وتفضلها العرب بأن ملكها واغل في أقاصي البلاد داخل في آفاق الأرض وملك فارس شظية منه ليس فيه الشام ولا الجزيرة ولا خراسان في أكثر مددهم ولا اليمن إلا في أيام وهرز وسيف بن ذي يزن.
1.1.7
[1.7.1]
ومن عجب أمرهم أيضا فخرهم على العرب بآدم يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تفضلوني عليه فإنما أنا حسنة من حسناته ثم بالأنبياء وأنهم من العجم إلا أربعة نفر هود وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليهم وسلم وفي هذا القول وضع الفخر على غير أساس ومن أسس بنيانه على الباطل والغرور أوشك أن يتداعى وأن يخر وظلم للعرب فاحش ومنه ادعاؤهم آدم كأن العرب ليسوا من ولده ومنه انتحالهم موسى وعيسى وزكريا ويحيى وأشباههم من بني إسرائيل وليس بين فارس وبين بني إسرائيل نسب على ما بينت لك.
صفحة غير معروفة