إلا لأولى ، فلا سبيل إلى ذكر ثالث بعد ثان ضرورة ، وهو ( صلى الله عليه وسلم ) إنما ذكر طائفتين ، وبشر بفئتين ، وسمى إحداهما الأولين ، فاقتضى ذلك بالقضاء الصدق آخرين ، والآخر من الأول هو الثاني الذي أخبر ( صلى الله عليه وسلم ) أنه خير القرون بعد قرنه ، وأول القرون بكل فضل بشهادة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه خير من كل قرن بعده . ثم ركب البحر بعد ذلك أيام سليمان بن عبد الملك إلى القسطنطينية ، وكان الأمير بها في تلك السفن هبيرة الفزاري ، وأما صقلية فإنها فتحت صدر أيام الأغالبة سنة 212 ، أيام قاد إليها السفن غازيا أسد بن الفرات القاضي صاحب أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وبها مات ، وأما إقريطش فإنها فتحت بعد الثلاث والمائتين ( 1 ) ، افتتحها أبو حفص عمر بن شعيب ( 2 ) ، المعروف بابن الغليظ ( 3 ) ، من أهل قرية بطروج ( 4 ) ، من عمل فحص البلوط ، المجاور لقرطبة من بلاد الأندلس ، وكان من فل الربضيين ( 5 ) ، وتداولها بنوه بعده إلى أن كان آخرهم عبد العزيز بن شعيب الذي غنمها في ايامه أرمانوس بن قسطنطين ملك الروم سنة 350 ( 6 ) ، وكان أكثر المفتتحين لها أهل الأندلس . 4 - وأما في قسم الأقاليم فإن قرطبة ، مسقط رؤوسنا ومعق تمائمنا ، مع سر من رأى في إقليم واحد ، فلنا من الفهم والذكاء ما اقتضاه إقليمنا ، وإن كانت الأنوار لا تأتينا إلا مغربة عن مطالعها على الجزء المعمور . وذلك عند المحسنين للأحكام التي تدل عليها الكواكب ناقص من قوى دلائلها ، فلها من ذلك ، على كل حال ، حظ يفوق حظ أكثر البلاد ، بارتفاع أحد النيرين بها تسعين درجة ، وذلك من أدلة التمكن في العلوم ، والنفاذ فيها عند من ذكرنا ، وقد صدق ذلك الخبر ، وأبانته التجربة ، فكان أهلها من التمكن في علوم القراءات والروايات ، وحفظ كثير من الفقه ، والبصر بالنحو والشعر واللغة والخبر والطب والحساب والنجوم ، بمكان رحب الفناء ، واسع """""" صفحة رقم 175 """"""
صفحة ١٧٥