شرح مقدمة التفسير لابن تيمية - العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
* * *
قال تعالي: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه: ١٢٣-١٢٦) .
الشرح
قوله: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) هذه الجملة جملة شرطية، لأن أصلها إن ما، وما زائدة للتوكيد، وفعل الشرط: يأتينكم، وجواب الشرط جملة: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاى) وهذه الجملة أيضًا جملة شرطية، فالجملة الشرطية الثانية- من فعل الشرط وجوابه- جواب للشرط الأول.
وقوله تعالي: (فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) أي: لا يضل في علمه، ولا يشقي في عمله، وقيل: لا يضل في الدنيا ولا يشقي في الآخرة، والمعنيان متلازمان، لكن الغالب أن الضلال في مقابلة العلم والهدي، وأن الشقاء في مقابلة السعادة.
وقوله تعالي: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: ١٢٤) قيل: إن المراد بالمعيشة الضنك عذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه.
وقيل: إن المراد بالمعيشة الضن معيشته في الدنيا، وأنه وإن كان في سرور ظاهر، فإن قلبه في ضيق وضنك، كما قال الله تعالى:
1 / 14