شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
تصانيف
قصة عروس النيل
وهناك قصة لطيفة ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية، وهي أن المصريين كانوا يعتقدون اعتقاد الفراعنة، وهو أن النيل لا يجري حتى يلقوا إليه بأجمل فتاة، وكانوا يسمونها عروس النيل، فدخل عمرو بن العاص وهم يعتادون ذلك ويفعلونه فمنعهم من ذلك، فتوقف النيل عن الجريان، فبعث إلى عمر بن الخطاب فقال: السلام على أمير المؤمنين، الأمر كيت وكيت، فبعث عمر بن الخطاب بورقة مكتوب فيها: من أمير المؤمنين إلى نيل مصر -انظروا إلى التوحيد الخالص وحسم مادة الشرك- إن كنت تجري بنفسك فلا تجر، وإن كنت تجري بأمر الله فعليك أن تجري.
لقد صنع عمرو هذا حسمًا لمادة الشرك، وسدًا لذريعة الاعتقاد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله.
فإن كل من اعتقد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله فقد أشرك.
فهم اعتقدوا في النيل ما لا يعتقد إلا في الله، فالذي يوقف الماء هو الله جل وعلا فهو الذي أمر موسى أن يضرب البحر فكان كالطود العظيم، فهم حين اعتقدوا في النيل ما لا يعتقد إلا في الله وقعوا في الشرك، فحسمًا لمادة الشرك وسدًا للذريعة بعث إليهم عمر بهذه الكلمات، ليعلموا أن النيل لا يجري بنفسه حتى لا يعتقدوا فيه اعتقادًا باطلًا، فإن الاعتقاد الصحيح أن النيل لا يجريه إلا رب النيل جل في علاه.
وأيضًا: عمر بن الخطاب كان دائمًا يضرب من لا يعتقد في الله الاعتقاد الصحيح، كالذي اعتقد في القدر فإن عمر أخذه وضربه ضربًا مبرحًا حتى قال له: انتهيت انتهيت أي: رجعت إلى صوابي.
6 / 4