شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
تصانيف
التوسل بحال المرء
الرابع: التوسل بحال المرء، وهذا تذلل يوافق كرم الله، فالله جل وعلا يرفع الكربة به، كأن يقول العبد: اللهم أنت تعلم ما نزل بي من البلاء، اللهم ارفع عني هذا البلاء.
وأصل التوسل به ثابت في الكتاب والسنة: أما من الكتاب فقد قال الله تعالى حاكيًا عن سيدنا أيوب أنه قال: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء:٨٣].
وعن موسى ﵊: ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص:٢٤]، أي: فقير إلى رحمتك، فقير إلى عطائك، فقير إلى كرمك.
وأما من السنة: حالة الاستسقاء؛ لأنهم يخرجون على هيئة رثة يستعطفون ربهم جل في علاه.
ولذلك نرى أن من السنة في صلاة الاستسقاء أن الحاكم، أو ولي الأمر، أو المهذب، أو المعلم، أو الإمام يعلم من يذهبون إلى الاستسقاء فيقول لهم: صوموا يومًا أو يومين وتصدقوا، ثم لا بد أن تذهبوا إلى ربكم بثياب بالية، وذلك هو فعل النبي ﷺ، ثم خالف بين ردائه، وفي ذلك إشارة إلى التحويل، وقد قال ذلك العباس عندما قال: (أيدينا مرفوعة إليك بالذنوب- أي: حالنا أننا من أهل الذنوب- لكنا نرجو رحمتك)، فكانوا إذا استسقوا بـ العباس سقاهم الله فضلًا منه ورحمة ونعمة.
3 / 8