شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
تصانيف
التوسل بدعاء الصالحين الأحياء
الثالث: التوسل بدعاء الصالحين الأحياء: والتوسل بالصالحين على نوعين: إما توسل بالذات، وإما توسل بالدعاء، وسنبين أن التوسل الممنوع هو: التوسل بالذات، وأما التوسل بدعاء الصالحين فهو ثابت بالكتاب والسنة: أما من الكتاب: فقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا﴾ [يوسف:٩٧].
وقوله تعالى على لسان إبراهيم ﵊: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم:٤١] فهو قد دعا لهم.
وأيضًا قول الله تعالى عن التابعين: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾ [الحشر:١٠].
وأما من السنة: ففي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه جلس بين أصحابه فقال: (يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب، فبات الناس يدوكون: مَنْ هؤلاء؟ لعلهم الذين أسلموا ولم يعبدوا صنمًا، فقال النبي ﷺ: هؤلاء الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون).
وفي رواية: (لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون) وقوله: (ولا يرقون) هذه الرواية عند مسلم، وهي شاذة؛ لأن الحديث المتفق عليه في البخاري ومسلم قال: (لا يسترقون)، وإلا لو قلنا: (لا يرقون) فقد رقى النبي ﷺ، وأمر بالرقية فقال: (أرقوها)، ورقى جبريل ﵇، فكيف نقول: (لا يرقون) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن هذه الرواية شاذة، أما القول بأنهم لا يرقون الرقية الشرعية فهذا كلام خطأ، وهو كلام المتأخرين.
والشاهد: أن عكاشة بن محصن قال: يا رسول الله! ادع الله أن أكون منهم، فقال: (أنت منهم) فوجه الدلالة: أنه طلب الدعاء من النبي ﷺ.
وأيضًا: الاستسقاء، فيدخل الرجل فيقول: يا رسول الله! هلكت الأموال والزروع فاستسق لنا.
وهناك حديث يحتج به شيخ الإسلام يقول: عندما ذهب عمر بن الخطاب إلى العمرة فقال له رسول الله ﷺ: (يا أخانا لا تنسنا من صالح دعائك)، وهذا حديث ضعيف، ويكفينا الأحاديث الصحيحة التي تكلمنا بها.
3 / 7