شرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
الناشر
دار ابن الجوزي،الدمام
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩]،
وقوله: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ﴾ [فاطر: ١١]،
في هذه الآيات الكريمات إثبات صفتي العلم، والحكمة لله – تعالى-.
فأما صفة علم الله – تعالى – فأدلة إثباتها كثيرة، فإن "في القرآن والحديث، والآثار ما لا يكاد يحصر"١من النصوص الدالة على ثبوت صفة العلم لله – تعالى – و"هو – سبحانه – يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون"٢. "ولهذا كان قول المرسلين: إن الله أحصى كل شيء عددًا، فهو يعلم أوزان الجبال، ودورات الزمان، وأمواج البحار، وقطرات المطر، وأنفاس بني آدم: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩] ٣.
وهو – سبحانه – "يعلم المعدومات، والممتنعات التي ليست مفعولة، وكما يعلم المقدرات كقوله: ﴿وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨]، وقوله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢]، وإن كان وجود إله غيره ممتنعًا، فعلمه – سبحانه – بما يعلمه، ليس من شرطه كونه مفعولًا له، بل كونه مفعولًا له دليل على أنه يعلمه، والدليل لا ينعكس"٤. فالله – جل شأنه – "العليم الذي له العلم العام للواجبات، والممتنعات، والممكنات، فيعلم نفسه الكريمة، وصفاته المقدسة، ونعوته العظيمة، وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها، ويعلم الممتنعات
_________
١ جامع الرسائل والمسائل (١/١٨٣) .
٢ المصدر السابق، وانظر: درء تعارض العقل والنقل (١٠/١٧٩) .
٣ درء تعارض العقل والنقل (١٠/١٧٣) .
٤ المصدر السابق (١٠/١٢٩) .
1 / 45