شرح العقيدة الواسطية للهراس
الناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٥ هـ
مكان النشر
الخبر
تصانيف
وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ»؛ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّكْيِيفَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى عَلَى كَيْفِيَّةِ كَذَا، أَوْ يَسْأَلُ عَنْهَا بِكَيْفَ.
وَأَمَّا التَّمْثِيلُ؛ فَهُوَ اعْتِقَادُ أَنَّهَا مِثْلُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: «مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ» أَنَّهُمْ يَنْفُونَ الْكَيْفَ مُطْلَقًا؛ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَا، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَنْفُونَ عِلْمَهُمْ بِالْكَيْفِ؛ إِذْ لَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ.
ـ[(بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (١» .]ـ
/ش/ قَوْلُهُ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِه﴾؛ هَذِهِ الْآيَةُ الْمُحْكَمَةُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﷿ هِيَ دُسْتُورُ (٢) أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي بَابِ الصِّفَاتِ، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ قَدْ جَمَعَ فِيهَا بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَنَفَى عَنْ نَفْسِهِ الْمِثْلَ، وَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ سَمْعًا وَبَصَرًا، فدلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ الْحَقَّ لَيْسَ هُوَ نَفْيَ الصِّفَاتِ مُطْلَقًا؛ كَمَا هُوَ شَأْنُ المعطِّلة، وَلَا إِثْبَاتُهَا مُطْلَقًا؛ كَمَا هُوَ شَأْنُ الممثِّلة؛ بَلْ إِثْبَاتُهَا بِلَا تَمْثِيلٍ.
وَقَدِ اختُلِفَ فِي إِعْرَابِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ عَلَى وُجُوهٍ؛ أصحُّها: أَنَّ الكافَ صلةٌ زيدَت لِلتَّأْكِيدِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَيْسَ كَمِثْلِ الْفَتَى زُهَيْرٍ ... خَلْقٌ يُوَازِيهِ فِي الفَضَائِلِ
_________
(١) الشورى: (١١) .
(٢) كلمة فارسية بمعنى قانون أو أساس، وفي «التاج»: «النسخة المعمولة للجماعات» .
1 / 69