عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين
الناشر
مكتبة العبيكان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
النبي ﷺ وهو مسجَّى ببرد حبرة، ثم قبله وبكى، وقال: "بأبي أنت وأمي، طبت حيًا وميتًا" ثم خطب الناس معلنًا الوفاة: "ألا من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت" واستشهد بالقرآن فنشج الناس يبكون (١).
وقد طهر في الموقف رجحان علم الصديق، ورباطة جأشه، وشجاعته وجرأته، وقوة رأيه (٢).
ورغم الذهول الذي أصاب النخبة وعامة المسلمين فإن أهمية إقامة السلطة في الإسلام جعلتهم يتحركون في اتجاه اختيار الحاكم قبل أن ينتهوا من تشييع الجسد الشريف إلى مثواه. وقد يقف خلف هذا التحرك السريع إدراك النخبة بخطورة الأوضاع المحيطة بالكيان الإسلامي الذي مضى عليه عقد واحد من السنين، تأسست فيه الدولة واتسعت رقعتها وكسبت أنصارا لها داخل المدن الحجازية الثلاث خاصة في حين بقيت القبائل الكبيرة في أعدادها والمنتشرة في البوادي والصحراء تحيط بالمراكز الإسلامية من كل مكان ..
وكانت الضوابط الشرعية لاختيار المسؤول الأول للدولة تنحصر في قرشيته ومكانته التي يحددها قدمه في الإسلام وخدمته للدعوة وللدولة ومنزلته لدى النبي ﷺ وإمكان إجماع الأمة أو أكثرها على شرعية توليه لرئاسة الدولة وخلافة النبوة.
وكانت النخبة تتمثل في المهاجرين الذين تطلعوا إلى أبي بكر ﵁
_________
الشمائل المحمدية ١٩٨)، والطبراني: المعجم الكبير ٧: ٥٦ وقال الهيثمي: رجاله ثقات (مجمع الزوائد ٥: ١٨٢).
(١) البخاري: الصحيح ٢: ٩٠ و٥: ٨ و٦: ١٧.
(٢) ابن حجر: فتح الباري ٧: ٣٠ و٨: ١٤٦.
1 / 46