عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين
الناشر
مكتبة العبيكان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
المبحث الأول: نظام الخلافة
كانت فكرة الأمة الواحدة، والدولة الواحدة التي تسودها أحكام الشريعة في داخلها؛ والرغبة القوية في تبليغ رسالة الإسلام خارج حدودها قد تمكنت من النخبة المسلمة عندما واجهت الحادثة الأليمة التي تمثلت بوفاة الرسول ﷺ وقد عبر أنس بن مالك عن أثر الحادث في النفوس: "لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله ﷺ المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء .. وما نفضنا عن رسول الله ﷺ الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا" (١). ولفرط الذهول كان عمر بن الخطاب ﵁ يقول: "والله ما مات رسول الله ﷺ وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم (٢) .. ولكن ربه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى، فلبث عن قومه أربعين ليلة (٣) .. وأخذ بقائم سيفه وقال: لا أسمع أحدًا يقول مات رسول الله إلا ضربته بسيفي هذا"، وطلب الناس لسالم بن عبيد الأشجعي أن يدعو أبا بكر ﵁ فرآه في المسجد فأخبره خبر الوفاة (٤)، فدخل أبو بكر على عائشة وكشف عن وجه
_________
(١) أحمد: المسند ٣: ٢٢١، والترمذي: سنن ٥: ٥٨٨ وقال: حديث غريب صحيح، وابن ماجة: السنن ١: ٥٢٢، وقال ابن كثير: إسناده على شرط الصحيحين (البداية والنهاية ٥: ٣٠٨)
(٢) البخاري: الصحيح ٥: ٨.
(٣) عبد الرزاق: المصنف ٥: ٤٣٣ بإسناد صحيح، وابن سعد: الطبقات الكبرى ٢: ٢٦٦، ٢٦٩ بإسناد رجاله ثقات.
(٤) الترمذي: الشمائل المحمدية ٣٠٨، والنسائي: كتاب الوفاة ٧٣ وصححه الألباني (مختصر
1 / 45