ويعيبه حَقًّا، أمَّا الْمُتَّقِي فيتذَكَّر رُجُوعَه إِلَى رَبِّهِ وَوُقوُفِهِ للمُحَاسَبَةِ وَيَعْلَم أنه بِغَيْرِ وَزْنِهِ الأمورَ بالْمِيزَانِ الشَّرْعِيِّ مُقْدِمٌ عَلى تَهْلُكَةٍ!، وقد أصبحَ من الْمُسْتَغْرب في زَمَانِنَا الإذعانُ للحَقِّ لا رَدُّهُ وَإِنكَارُهُ!.
وعن الزهري ﵀ أنَّ رجلًا سلَّم على النبي ﷺ ثلاث مرات فلم يَرُد عليه!، فقيل له: لِمَ؟!، قال: (إِنَّهُ ذُو وَجْهَين)! (١).
وقال أبو داود بعد أن ذكر أحاديث فيها النهي عن هجر المسلم؛ قال ﵀: (النَّبِيُّ ﷺ هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أربعينَ يَوْمًا، وابنُ عُمَرَ هَجَر ابنًا له إِلَى أنْ مَاتَ) انتهى (٢)، ويأتي - إنْ شاء الله تعالى - في أثناء الكتاب غير ما تقدم من هجره ﷺ.
وفي صحيح مسلم ﵀ (٣) أن قريبًا لعبد الله بن مغفل خَذَف فنهاه فقال: إنَّ رسول الله ﷺ نهى عن الْخَذْف وقال: (إِنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْدًا وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ)، قال: فعاد، فقال: أحدثك أن رسول الله ﷺ نهى عنه ثم عُدْتَ تخذف لا أكَلِّمك أبدًا.
قال النووي ﵀ على حديث عبد الله بن مغفل: (في هذا الحديث هجران أهل البدع والفسوق ومُنَابِذِي السنة مع العلم، وأنه يجوز
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» برقم (٢٥٤٦٤). (٢) أنظر: «سنن أبي داود»، (٤/ ٢٧٩). (٣) برقم «١٩٥٤».
1 / 11