السبق التربوي مفهومه ومنهجه ومعالمه في ضوء النهج الإسلامي
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
وهذه القوى الجاذبة والدافعة لو فقدها الإنسان لكان كالحيوان، ولو تركت دون توجيه لأكل الناس بعضهم بعضًا، ولأسرف الإنسان في استغلالها في البطش والملذات، ولجمع صفة الحيوان (الافتراس من الحيوانات المفترسة، والتبلد الإحساسي من الحيوانات الأليفة) .
إذًا لهذه القوتين فوائد عظيمة لا يستطيع الإنسان أن يحقق إنسانيته بدونها، ولا يستطيع أن يحقق العبودية التي أرادها الله تعالى منه بدونها، ولكن نجد أن هاتين القوتين افتقرت لقوة ثالثة تكون سيدة عليهما وضابطة لهما، لها حق القيادة والرئاسة، وأن تكون مفطورة في الإنسان للتفاعل مع القوتين الأخريين، ولابد أن تكون قابلة للتوجيه الخارجي حتى تكتسب صفة العلو والسيطرة. والتي يمكن إيضاحها في الفقرة التالية.
(ج): القوة الضابطة:
هي تلك القوة التي تسيطر على القوتين السابقتين، وتوجهها التوجيه الصحيح، وتكون عادلة، فلا تئدهما، فيصبح الإنسان عاجزًا لا حراك له، ولا تطلقهما فيصبح الإنسان أنانيًا كالحيوان، فيخرج عن إنسانيته.
وهذه القوة لابد وأن تكون مغروسة في الإنسان أصلًا حتى يقبلها، وتتغذى بغذاء خارجي، فتأخذ صفة العلو على القوتين السابقتين، فتتسلم زمام القيادة.
وهذه القوة الضابطة هي القوة الروحية الشرعية. وهي ذات مقدمتين: الأولى سابقة وهي الفطرية، والثانية لاحقة، كما يتضح مما يلي:
١- فطرية:
لقد بيّن منهج التربية الإسلامية أن الإنسان يولد على الفطرة كما يتضح من نصوص الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي
1 / 464