دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
الناشر
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
رقم الإصدار
الأولى، 1421هـ - 2000م
تصانيف
والعرش المجيد المعلى. وعند الصوفية العقل الأول الذي هو إشارة إلى مرتبة الوحدة.
الإمامان: هما الشيخان اللذان أحدهما عن يمين الغوث أي القطب ونظره في الملكوت وهو مرآة ما يتوجه من المركز القطبي إلى العالم الروحاني من الإمدادات التي هي مادة الوجود والبقاء. وهذا الإمام مرآته لا محالة. والآخر عن يساره ونظره في الملك وهو مرآة ما يتوجه منه إلى المحسوسات من المادة الحيوانية وهذا مرآته ومجلاه وهو أعلى من صاحبه وهو يتخلف القطب إذا مات.
الإمكان الذاتي: واعلم أن صدق وصف الموضوع على ذاته في القضايا المعتبرة في العلوم بالإمكان عند الفارابي والمراد بهذا الإمكان الإمكان العلم المقيد بجانب الوجود فيشمل ما يكون وصف الموضوع ضروريا لها وهذا الإمكان هو الإمكان الذاتي. ومن ها هنا يندفع ما أورده الطوسي من أن النطفة يمكن أن تكون إنسانا فلو دخلت النطفة في كل إنسان لزم كذب كل إنسان حيوان ووجه الاندفاع أنه مغالطة نشأت من شركة لفظ الإمكان بين الإمكان الذاتي المراد ها هنا وبين الإمكان الاستعدادي الثابت للنطفة. والحق أن مراد الفارابي بالإمكان المذكور ما سيجيء في تحقيق الوصف العنواني إن شاء الله تعالى لا الإمكان العام المقيد بجانب الوجود فافهم واحفظ.
ثم اعلم أن الإمكان الذاتي كما هو مشهور في الإمكان العام في هذا المقام كذلك معروف في أن لا يكون ذات الشيء مقتضيا وموجبا لوجوده وعدمه وإن كان أحدهما واجبا بالغير والآخر ممتنعا به فيمكن أن يكون شيء ممكنا بالذات وواجبا بالغير أو ممتنعا به فإن الوجوب اللاحق أو الامتناع اللاحق لا ينافي الإمكان الذاتي بل الممكن مع وجوبه أو امتناعه اللاحق باق على طبيعة إمكانه ولا يمكن أن يكون واجبا بالذات أو ممتنعا بالذات وممكنا بالذات أو بالغير فإن اقتضاء الضدين أو النقيضين في الذات محال بداهة فإن المقتضي لا ينفك عن المقتضي فيلزم اجتماع الضدين أو النقيضين. وأيضا لا يجوز أن لا ينقلب كل من الواجب بالذات والممكن بالذات والممتنع بالذات إلى الآخر لأن الانقلاب محال لما تقرر في محله. وقال السيد السند الشريف الشريف قدس سره الإمكان الذاتي هو ما لا يكون طرفه المخالف واجبا بالذات وإن كان واجبا بالغير.
الإمكان الاستعدادي: ويسمى بالإمكان الوقوعي أيضا هو ما لا يكون طرفه المخالف واجبا بالذات ولا بالغير ولو فرض وقوع الطرف الموافق لا يلزم المحال بوجه من الوجوه والأول أعم من الثاني مطلقا. وقال الفاضل القوشجي في شرح التجريد هو أي الإمكان الاستعدادي عبارة عن التهيؤ للكمال بتحقق بعض الأسباب والشرائط وارتفاع بعض الموانع قابل للشدة والضعف بحسب القرب من الحصول والبعد عنه بناء على حصول الكثير مما لا بد منه أو القليل فإن استعداد النطفة الإنسانية أضعف
صفحة ١٢٩