الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء
الناشر
مكتبة نزار مصطفى الباز
مكان النشر
الرياض
تصانيف
السياسة الشرعية والقضاء
قَالَ لسلطان ظَالِم: إِنَّه عَادل.
قَالَ أَبُو مَنْصُور الماتريدي: يكفر.
وَقَالَ السَّيِّد الإِمَام: لَا يكفر، لِأَنَّهُ عدل فِي شَيْء.
رُوِيَ عَن بشر عَن أبي حنيفَة، وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله: أَن القَاضِي إِذا كَانَ غير عدل، فقضاياه كلهَا مَرْدُودَة.
وَإِذا كَانَ الْأَمِير الَّذِي تولى الْقَضَاء جائرا لم يجز حكمه، وَيجوز حكم قُضَاته، كَمَا جَازَ قَضَاء من تقلد الْقَضَاء من مُعَاوِيَة مَعَ أَنه كَانَ جائرا.
قَضَاء القَاضِي فِي غير مَكَان ولَايَته لَا يَصح.
يجب أَن يذكر القَاضِي فِي مكتوباته مَكَانَهُ.
وَيجوز قَضَاء الْأَمِير الَّذِي تولى الْقَضَاء، وَكَذَلِكَ كِتَابه إِلَى القَاضِي، إِلَّا أَن يكون القَاضِي من جِهَة الْخَلِيفَة، فقضاء الْأَمِير لَا يجوز.
اعْلَم أَن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي القَاضِي والأمير إِذا جَار وارتشى:
قَالَ بَعضهم: هما سَوَاء، وينعزلان بِنَفس الْجور والخيانة، لِأَنَّهُمَا أمينان فِي الشَّرْع، والأمين إِذا جَار لَا يبْقى أَمينا.
وَقَالَ بَعضهم: يَنْعَزِل القَاضِي دون الْأَمِير، لأَنا تركنَا الْقيَاس فِي الْأَمِير بقوله ﵇: " وَلَو أَمر عَلَيْكُم عبد حبشِي أجدع "، وَلَا نَص فِي القَاضِي، فَيعْمل فِيهِ بِالْقِيَاسِ، وَبِه أَخذ أَبُو بكر الْبَلْخِي ﵀.
وَقَالَ بَعضهم: لَا يَنْعَزِل، بل يعزلان. وَهُوَ الصَّحِيح، لِأَن الْإِنْسَان لَا يَخْلُو عَن ذَنْب.
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام إِسْمَاعِيل الزَّاهِد: " إِنِّي أحفظ عَن أَصْحَابنَا الْمُتَقَدِّمين رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله: أَن القَاضِي يَنْعَزِل، لَكِن أدع هَذِه الرِّوَايَة، وَلَا أُخَالِف أَصْحَابِي، فَأَقُول: لَا يَنْعَزِل مَا لم يعْزل، وَينفذ قَضَاؤُهُ إِلَّا فِيمَا ارتشى، فَإِنَّهُ لَا ينفذ قَضَاؤُهُ، بل يكون حكمه فِيهِ بَاطِلا، حَتَّى لَا يحل لأحد من الْقُضَاة تَصْحِيح ذَلِك الحكم، بل يردهُ ويبطله.
1 / 249