الذلول من المراكب ما لا صعوبة فيه (1).
فالظاهر في وجه الشبه ان يقال : كما ان الذلول من المراكب ينقاد لراكبه ويطيعه حيث يشاء ، والى اي وجه يريد انعطافه.
كذلك القرآن لما كان ذا وجوه كثيرة ، كما يشعر به الاتيان بصيغة جمع الكثرة يمكنهم حمله على اي وجه ارادوا واي مذهب شأوا.
ولذلك قال علي عليه السلام في وصيته لعبد الله بن عباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج : لاتخاصمهم بالقرآن ، فان القرآن حمال ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنة ، فانهم لم يجدوا عنها محيصا ، كذا في نهج البلاغة (2).
ومن هنا ترى الامة بعد نبيهم صلى الله عليه وآله قد كثر اختلافهم في المذاهب والاعتقادات ، وكلهم يحتجوا بآي منه ، وقلت آية لم يذكروا فيها وجوها عديدة ومحامل سنية ، ولم ينقلوا فيها اقوالا ومذاهب ، كما يشهد به تتبع التفاسير والسير ، وخاصة التفسير الكبير (3) للامام الطبرسي رحمه الله.
لكن الواجب على ما دل عليه ظاهر الخبر ، ويؤيده قوله تعالى « فبشر عبادي الذي يستعمون القول فيتبعون احسنه » (4) حمله على احسن الوجوه ، وهو ما كان ظاهرا قريبا متبادرا محفوفا بشواهد شرعية ، مقرونا بقواعد عربية ، مطابقا للامر نفسه ، موافقا لميزان العقل وقانونه من غير كلفة وسماجة.
ولذا كان مدار الاستدلال بالآيات والروايات من السلف الى الخلف على
صفحة ٣٤