والاحسان ؛ لان الرقة من الكيفيات المزاجية التابعة للتأثر والانفعال ، والله منزه عنها.
وهو : اما من باب المجاز المرسل ، بذكر السبب وارادة المسبب ، اذ الرحمة سبب التفضل والاحسان.
واما على طريقة التمثيل ، بأن شبه حاله تعالى بالقياس الى المرحومين في ايصال الخير اليهم ، بحال الملك اذا عطف على رعيته ورق لهم ، فأصابهم بمعروفه وانعامه ، فاستعير الكلام الموضوع للهيئة الثانية للاولى ، ومن غير تمحل في شيء من مفرداته.
وقيل : ان صفات الله التي على صيغة المبالغة كلها مجاز ؛ لانها موضوعة للمبالغة ، ولا مبالغة فيها ، فانها في صفات تقبل الزيادة والنقصان ، وصفاته تعالى منزهة عن ذلك.
فيه ان صيغ المبالغة قسمان : قسم تحصل المبالغة فيه بزيادة الفعل ، والثاني بتعدد المفعولات ، ولا شك ان تعددها لا يوجب للفعل زيادة ؛ اذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة ، وعليه تنزل صفاته تعالى ، ويرتفع الاشكال.
والرحمن ابلغ من الرحيم ، فعند اعتبار الابلغية فيه باعتبار الكمية ، نظرا الى كثرة افراد المرحومين ، يقال : يا رحمن الدنيا ورحيم الاخرة ، لشمول رحمة الدنيا للمؤمن والكافر.
وعند اعتبار الابلغية فيه باعتبار الكيفية ، وهي جلالة الرحمة ودقتها بالنسبة الى مجموع كل من الرحمتين ، يقال : يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيم الدنيا ، لجلالة رحمة الاخرة بأسرها ، بخلاف رحمة الدنيا.
وباعتبار نسبة بعض افراد كل من رحمة الدنيا والاخرة الى بعض ، يقال : يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما ؛ لان بعضا من كل منهما أجل من بعض ، وبعضا من كل منهما أدق. وقد ورد كل ذلك في الادعية المأثورة عنهم عليهم السلام.
صفحة ٤٥