فائدة : قال الشافعي رضي الله عنه : لا يحل تفسير المتشابه إلا بسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو خبر عن أحد من أصحابه ، أو إجماع ، نقله كله في الاتقان أيضا ، ففيها ، أي عن الفواتح على القول الأرجح من أنها من المتشابه ، انتفى الإعراب يا صاح جملة : أي من غير تفصيل ، وذلك لأنه يجب على الناظر في كلامه تعالى ، الكاشف عن أسراره أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردا أو مركبا قبل الإعراب ، فإنه فرع المعنى ، ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السور إذا قلنا بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه ، قال في الإتقان : / وقال شهاب الدين المحقق ابن حجر في شرحه على العباب : ويحرم بالإجماع تفسيره بلا علم ، أي الكلام في معانيه لمن لم يتأهل لذلك بأن لم يجمع ما يحتاجه من الأدوات ، والظاهر أن المراد بأدواته ما له تعلق بما الكلام فيه ، فإن كان في إعراب آية ، كفى أن يكون نحويا وإن لم يكن فقيها مثلا ، وعلى هذا فقس ، لكن لا بد في هذا المثال مع معرفته لقواعد الإعراب من ذوقه للمعنى المسوق له ذلك الغرض ، إذ لا يتأتى الخوض في الإعراب إلا بعد الشعور بالغرض المراد ، ولو بوجه ما ، وبهذا يتضح معنى قولهم تارة الإعراب تابع للمعنى ، وتارة أخرى المعنى تابع للإعراب ، فأرادوا بالمعنى المتبوع في الأول الشعور به بوجه ما ، وبالمعنى الثاني إدراكه على الوجه الأكمل ، فتأمله فإنه مهم ، ولم أر من تعرض له ، انتهى .
كلامه وذا : أي ما تقدم كله ، حاصل : أي محصل الأقوال فيها : أي الفواتح تحررا : قال ابن النقيب : اعلم أن علوم القرآن ثلاثة أقسام :
الأول : علم لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه ، وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ، ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته ، وتفاصيل علوم غيوبه التي لا يعلمها إلا هو ، وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه بوجه من الوجوه إجماعا .
صفحة ١٣