الثاني : ما اطلع الله عليه من أمر الكتاب ، واختصه به ، وهذا لا يجوز الكلام فيه إلا له صلى الله عليه وسلم ، أو لمن أذن له ، وأوائل السور من هذا القسم ، وقيل من القسم الأول .
الثالث : علوم علمها الله نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجليلة والخفية وأمره بتعليمها ، وهذا ينقسم إلى قسمين : منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع ، وهو أسباب النزول ، والناسخ والمنسوخ ، والقراءات / واللغات 8أ وقصص الأمم الماضية ، وإخبار ما هو كائن من الحوادث ، وأمور الحشر والمعاد ، ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستدلال والاستنباط والاستخراج من الألفاظ ، وهو قسمان : قسم اختلفوا في جوازه ، وهو تأويل الآيات المتشابهات في الصفات ، وقسم اتفقوا عليه ، وهو استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية ؛ لأن مبناها على الأقيسة ، وكذلك فنون البلاغة ، وضروب المواعظ والحكم والإشارات ، لا يمتنع استنباطها منه ، واستخراجه لمن له أهلية ذلك ، انتهى ملخصا ، كذا ذكره في الإتقان .
فائدة : كتبت فواتح السور على صورة الحروف أنفسها ، لا على صورة النطق بها اكتفاء بشهرتها ، وقطعت ( حم عسق ) دون ( المص ) و( كهيعص ) طردا للأولى بأخواتها الستة ، قاله في الإتقان أيضا ، وقال ابن الأنباري : إن قال قائل : كيف كتبت في المصحف ( الم ) و( الر ) و( المر ) موصولا ، والهجاء مقطع ، لا ينبغي أن يتصل بعضه ببعض ، إذ لو قال قائل : ما هجاء زيد ، لقلت له : زاي ياء دال ، ونكتبه مقطعا ؛ ليفرق بين الهجاء والحروف ، وبين قراءته ، فالجواب أنهم إنما كتبوا ( الم ) وما أشبهها موصولا ؛ لأنه ليس بهجاء لاسم معروف ، إنما هو حروف اجتمعت يراد بكل حرف منها معنى ، كذا نقله السيوطي في حاشيته على البيضاوي .
تتمة في نبذة من خواص هذه الفواتح :
صفحة ١٤