قال: وفيما هو أسفل وأحط، في هذا الكوم من الفضلات.
قلت : هو في هذا كله ؟
أشار بيده المفتوحة كأنه يمدها إلى كل شيء في الأرض والسماء ويطويه في قبضته وابتسم قائلا: هو فيه وليس فيه، لا تبحث عن شيء بعينه، فما من شيء يخلو منه، ولا تتوقف عند شيء بدأته، فما من شيء ينفرد به، إننا ننطق كل لحظة بكلمات وكلمات، هل سألت نفسك يوما عن الكلمة الأصيلة من بينها؟ إنها هي التي تعني الكل، هي التي تدل على الواحد، كذلك الطريق إنه الكل، الواحد، لقد بحثت كثيرا فيما يبدو.
قلت وأنا أطرق برأسي إلى الأرض وأراقب نملة تتحرك على جلدي: لقد عبرت المياه السوداء والمياه البيضاء، وتسلقت جبل الأسرار وجبل الأنوار، سألت الناسك الذي لا يتكلم ولا يعمل، والتقيت بالزاهد الذي سموه دوامة الوهم، ثم ذهبت إلى القيصر الأصفر في قصره ... قاطعني قائلا: إذا فجرب أن تذهب معي إلى قصر اللامكان. رفعت حاجبي وفتحت عيني وسألت: قصر اللامكان؟ وأين أجده؟ قال وهو يرمقني بنظرة متسامحة: ألا تريد أن تعرف إلا لتجد؟ إنه لا يعرف ولا يعثر عليه، هنالك وسط جميع الأشياء والكائنات، في وحدة كل المخلوقات، هنالك تجد الكلمة معناها، تصبح هي الكل والواحد واللامحدود.
سألت: وماذا نفعل في هذا القصر الذي لا يوجد في أي مكان؟
قال: ماذا نفعل؟ سنحاول ألا نفعل شيئا، أن نتقن عدم الفعل.
سألت: وماذا نفعل حتى نتقن عدم الفعل؟
قال: نسكن، لا نتحرك.
قلت: وإذا تحركت الرغبة فينا بالحركة؟
قال: نخلي أنفسنا من أية رغبة، وهنالك تنطلق الروح، تسكن دون أن تدري أنها ساكنة، تتجول، تذهب وتجيء، تتقدم، تتراجع، لكن لا تشعر بالهدف ولا تسعى له، هل عرفت لماذا؟!
صفحة غير معروفة