الديك
كانت أمي هي التي اكتشفت غيابه، لا أدري إن كان الإلهام الإلهي هو الذي أوحى إليها بذلك، أو افتقادها لصوته القوي عندما قامت لصلاة الفجر، أو ذهابها إلى السطوح كعادتها في كل صباح لإطعام الدجاج والبط والحمام.
لا يهم الآن كيف عرفت أن الديك الذهبي، الديك الأحمر، الجميل الذي سمته على اسمي وربته من أجلي قد اختفى من البيت، فلم يكن لدي وقت ولا بقيت عندي رغبة في أن أسأل كيف أو لماذا أو ما الذي دعاه للاختفاء، إن الديك الذهبي، الديك الأحمر الجميل لم يعد له أثر، هكذا واجهني الخبر عندما عدت من المدرسة في يوم قائظ من أيام الصيف، قابلتني أمي قادمة من على السطوح فقالت: العوض على الله يا ابني.
لم أطمئن بلهجتها ولا لنبرة الحزن في صوتها فسألت: خير يا أمي؟
قالت وهي ترفع يدها إلى السماء: ربنا وحده يعلم مصيره.
سألت وقد نفد صبري: مصير من؟ ما الحكاية؟
قالت: الديك يا حبيبي، الديك الأحمر.
عدت أسأل وقد بدأت أحس بالفجيعة: الديك ما له؟
قالت وهي تتطلع إلى السطوح وتهبط بيدها إلى الساتر الخشبي: يا محلاه يا ابني وهو واقف على الساتر، يا ترى يا ديك أنت سافرت على بلد تانية أو وقعت على الأرض وخطفوك العيال؟
رميت حقيبة الكتب من يدي، اقتربت منها ونظرت في وجهها وعينيها، لم يبق لدي شك في سحابة الحزن التي تكسوهما، سألت: الحكاية جد؟ الديك راح؟
صفحة غير معروفة