120

ضحى الإسلام

تصانيف

وقد اتفق صاحب الأغاني والطبري على أنه لم يكن يشرب النبيذ، ولكنه في هذا أيضا خطا خطوة أخرى وراء أبي جعفر؛ فقد رأينا المنصور لا يشربه، ولا يسمح لأحد أن يشربه على مائدته. أما المهدي فيذكر الطبري أنه ما كان يشربه، ولكن لا تحرجا، بل كان لا يشتهيه، وكان أصحابه يشربون عنده بحيث يراهم، وكان وزيره يعقوب بن داود يعظه في ذلك، ويلح عليه في حسمه عن السماع، وإسقائه النبيذ، ويهدده بالتخلي عن منصبه، والمهدي يحتج بأن عبد الله بن جعفر كان يسمع.

16

كذلك كان المهدي مترفا في ملبسه ومأكله، يحمل إليه الثلج إلى مكة وهو يحج! وكان أول خليفة فعل ذلك.

والحق إن المهدي على ما يظهر كان معتدلا في لهوه وترفه، ولكن ما كاد يرخي للناس العنان في هذا السبيل حتى استطابوه، وأفرط فيه المستهترون، ولم يقفوا عند حد. لم يجرءوا في عهد المنصور أن يستهتروا لأنه ضرب لهم مثلا من نفسه بالجد والحزم، فلما رأوا المهدي يخطو خطوة جرواهم وقفزوا، وبلي الناس في عهده ببشار يبث فيهم غزله المكشوف، ويفتنهم بشعره الداعر، ويملأ البلاد بالحث على المغازلة، حتى ضج الأشراف إلى المهدي من شعره؛ مثل يزيد بن منصور خال المهدي، وطلبوا إليه أن يقف هذا التيار لما خافوا على نسائهم وبناتهم، فتدخل المهدي حينئذ، ونهى بشارا عن الغزل فيقول:

قد عشت بين الريحان والراح وال

مزهر في ظل مجلس حسن

وقد ملأت البلاد ما بين ف

غفور إلى القيروان فاليمن

17

شعرا تصلي له العواتق والث

صفحة غير معروفة