توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
الناشر
مكتبة الخنانجي بمصر
رقم الإصدار
الأولى
تصانيف
المعجزات لثبوت علم اليقين بنبوته، ولم نقل: إن علم اليقين يثبت بخبر الواحد. كما يفيد خبر الرسول بالمعجزات في بادئ أمره١.
٩- إن٢ الإجماع قد انعقد من الأمة على قبول خبر الواحد في المعاملات؛ فإن العقود كلها بنيت على أخبار الآحاد، مع أنه قد يترتب على قبول خبر الواحد في المعاملات ما هو حق الله تعالى، كما في الإخبار بطهارة الماء ونجاسته، والإخبار بأن هذا الشيء أهدى إليك فلان، وأن فلانًا وكلني ببيع هذه الجارية أو بيع هذا الشيء، كما أجمعت على قبول من لا يقع العلم بقوله مع أنها قد تكون في إباحة دم، وإقامة حد واستباحة فرج، وأجمعت على قبول قول المفتي للمستفتي مع أن فتواه هذه مبنية على ما بلغه عن الرسول ﷺ، بطريق الآحاد، فإذا جاز القبول فيما ذكرنا من أمور الدين والدنيا جاز في سائر المواضع، ومنها أخبار الآحاد عن الرسول صلى الله عليه وسلم٣.
١٨٣- ثم انتقل السرخسي إلى الرد على من يقول بأن خبر الواحد يوجب العلم، كالخبر المتواتر، وقد حكاه ابن الصباغ عن قوم من أهل الحديث، وعزاه أبو الوليد الباجي "٢٤٥ هـ"، إلى الإمام أحمد، وابن خويز منداد إلى مالك، وإن نازعه فيه المازري بعدم وجود نص له فيه٤.
١٨٤- وحجة القائلين بهذا أن النبي ﷺ، قال لمعاذ حين وجهه إلى اليمن: "ثم أعلمهم أن الله تعالتى فرض عليهم صدقة في أموالهم"، ومراده الإعلام بالإخبار.
وإذا لم يكن خبر الواحد موجبًا للعلم عند السامع ما عبر عنه ﷺ بالإعلام.
_________
١ أصول السرخسي ١/ ٣٢٧، ٣٢٨.
٢ هذا الدليل من أصول البزدوي وشرحه كشف الأسرار.
٣ أصول البزدوي وشرحه كشف الأسرار ٢/ ٦٩٥، ٦٩٦.
٤ تدريب الراوي ٢/ ٧٥.
1 / 111