فإن قال: فما معنى قوله عز وجل: {من يضلل الله فلا هادي له} (¬1) قيل له: من علم أنه يضل لم يكن له هاد. وكذلك قوله تعالى: {من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم} (¬2) : من علم أنه يضل لم يهتد، ومن علم أنه يهتدي لم يضل. وكذلك قوله تعالى: /16/ {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام...} (¬3) الآية، القول في الكل واحد. هذا عن أبي الحسن (¬4) رحمه الله.
فصل [توفيق الله تعالى للمؤمنين] :
ويقال: إنه تعالى يوفق المؤمنين لطاعته، ومعنى ذلك أنه فعل بهم فعلا اتفق لهم به فعل الإيمان. والتوفيق في اللغة: أن الشيء الذي هو توفيق له هو متفق به لصاحبه لا محالة، وذلك أنهم إذا قالوا: وفق الله لنا لقاء فلان فهم قد لقوه، وإذا لم يلقوه فإنما يقولون: لم يوفق (¬5) لنا لقاء فلان. ولا يجوز في كلامهم أن يقول القائل: وفق لي لقاء فلان وهو لم يلقه، ولا أنه لم يوفق (¬6) له لقاؤه وهو قد لقيه، فصح بهذا أن صفة التوفيق هي على ما وصفنا أن الفعل الذي هو توفيق له هو متفق لصاحبه لا محالة.
* مسألة [علاقة التوفيق بالطاعة والنعم والثواب]:
صفحة ٢٧