229

ديوان الأحكام الكبرى

محقق

يحيي مراد

الناشر

دار الحديث

مكان النشر

القاهرة - جمهورية مصر العربية

تصانيف

وقال أيوب بن سليمان: قول أهل العلم في هذا أن يكشف الحاكم أهل الخبرة بهما والجوار لهما من أهل الثقة والأمانة فإذا أشكل الأمر واشتبه الخبر ولم يجد له بيانًا ولا معرفة ظالم من مظلوم؛ أرسل الحكمين، وإن انكشف الظالم منهما رد عن ظلمه وأخذ للمظلوم بحقه منه إن شاء الله، مع أني قد حضرت لهذين الزوجين مقاولة فما رأيتهما اختلفا إلا في دعوى يسرة قريبة وبالله التوفيق.
وقال محمد بن لبابة: لا يجوز لأحد الحكم بغير الحكمين لقول الله ﷿. وقد فعله أصحاب النبي ﷺ والتابعون بعدهم إلى مالك إلى هلم جرا.
وفيها أيضًا في الحكمين:
كتب لي عبيد الله بن يحيى: قلت لي رحمك الله: إن أبي وعمي لم يحكما بإرسال الحكمين في أيامهما وإنه لم يجر العمل ههنا بذلك، وإنما كان الذي ينظر به القضاة إخراج الرجل وامرأته إذا اشتكت ضررًا إلى دار أمين حتى يفهم به الحال، فما رأيك رضي اله عنك، أترى أن أمضي على الحكمين أو بما كانت القضاة تفعله من إخراجهما إلى دار أمين؟
قال عبيد الله بن يحي: أما أمر الحكمين فلا أراه؛ لأنك تنفرد بحكم لم يحكم به من كان قبلك من أئمة العدول مثل والدك وعمك ﵄، وأما إخراجهما إلى دار أمين أو إسكان أمين معهما فهذا الأمر لم تزل القضاة تعمل به.
قال ابن لبابة: لست أقول بهذا، والقول بالحكمين مما لا يجوز الحكم بغيره عندي؛ لأن الله تعالى حكم به وأصحاب النبي ﷺ والعلماء إلى مالك هلم جرا.
قال القاضي: أجوبتهم في هذه المسألة مختلفة غير محصلة، ومضطربة غير متفقة؛ هذا عبيد الله في جوابه هذا قد أنكر أمر الحكمين جملة، وقال للقاضي الذي سأله: لا أرى أمر الحكمين لانفرادك بحكم لم يحكم به من كان قبلك من أئمة العدل مثل والدك وعمك. ونسي قوله بهما في مسألة ابن تمام وقد مرت.
وقال هنا: إنه لم يره لانفرادك بحكم لم يحكم به من كان قبله من أئمة العدل، وجهل أن عمر بن الخطاب ﵁ حكم بذلك على ما حكاه ابن حبيب ﵀ وأن عثمان بن عفان ﵁ بعث في حكمين؛ علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ﵃ جميعهم كذلك رواه ابن وهب عن ربيعة وهو في المدونة وأن علي بن أبي طالب ﵁

1 / 252