وأعجب ما يأتي به الدهر أنكم # طلبتم على ما فيكم أدواتها
وأملتم أن تدركوها طوالعا، # دعوها ستسعى للمعالي سعاتها
وإما حرنتم عن مداها، فإننا # سراع، إذا مدت لنا حلباتها (1)
أبي دونكم ذاك الذي ما تعلقت # بأثوابه الدنيا، ولا تبعاتها
تجنبها هوجاء لا مستقيمة # خطاها، ولا مأمونة عثراتها
غدا راضيا بالنزر منها قناعة، # ولو شاء قد كانت له جفناتها
تلافظها من بعد ما ذاق طعمها، # فكانت زعاقا عنده طيباتها (2)
تلافى قريشا حين رق أديمها، # وخفت على أيدي الرجال حصاتها
ورجبها من بعد ما مال فرعها، # وحين أبت إلا اعوجاجا قناتها (3)
وكم عاد في إحدى عواليه هامة # لجبار قوم قطرته شباتها (4)
فمن غيره لليعملات يقيمها، # إذا وقعت مثنية ركباتها (5)
ومن لعجاج الحرب يجلو ظلامه، # إذا خفقت في نقعها عذباتها (6)
ومن للمعالي القود يقرع هامها، # إذا نفت الإقدام عنها صفاتها (7)
ومن لأضاميم الجياد، غدوها # لطعن حماليق العدى وبياتها (8)
لنا وعلينا إن لبثنا هنيهة، # قطاف رءوس أينعت ثمراتها
فيا لهفي كم من نفوس كريمة # تموت، وفي أثنائها حسراتها
يعز علينا أن تفوت، وأنها # قضت نحبها أو ما انقضت زفراتها
صفحة ٢٠٥