سقى الله من أمسى على النأي علتي، # وقد كان مع قرب المزار تعلتي
أقلني، أقلني نظرة ما احتسبتها، # فقد أنهلت قلبي غليلا وعلت (1)
فشوقا إلى وجه الحبيب تلهفي، # وميلا إلى دار الحبيب تلفتي
جرت خطرة منه على القلب كلما # زجرت لها العين الدموع أرشت
ومرت على لبي، فقلت لعلها # تجاوزني مكظومة، فاستمرت (2)
أداري شجاها كي يخلى مكانه، # وهيهات، ألقت رحلها واطمأنت
وأعلم ما خاضت يد الدهر للفتى # أمر مذاقا من فراق الأحبة (3)
فكم زعزعتني النائبات فلم أزل # لها قدمي عن وطأة المتثبت
وكم صاحت الأيام خلفي بروعة # فصرت بعين الجازع المتلفت
تسل علي الحادثات سيوفها، # فمن مغمد قد نال مني ومصلت (4)
زمامي بكف الدهر أتبع خطوه، # وما الدهر إلا مالك للأزمة
وقد كنت آبى أن أقاد، وإنما # ألان قيادي من ألان عريكتي
فلا تشمتوا إن يثلم الدهر جانبي، # فأكثر مما مر مني بقيتي
تحيف شوسا من عيون فأغمضت # وذلل غلبا من رقاب فذلت (5)
فآه على الدنيا إذ الجد صاعد؛ # وأوه من الدنيا إذا النعل زلت
ألا هل أخيض الطرف يوما بغمرة # إذا الخيل بالغر الوجوه تمطت
ولم تلق فيها غير طعن مضجج، # وضرب سريع بالمنايا مسكت
ترن له هام الرجال، وإن رمت # بأعينها فيه النساء أرنت
فسوف تراني طائرا في غبارها # على سابح تهفو غدائر لمتي
صفحة ١٩٩