وتلذُّ لي البرحاء أعلم أنه ... يرضيكِ ما ألقى من البرحاء
ويشوقني مغنى الوصالِ فكلَّما ... ذُكر العقيقُ بكيتهُ بدمائي
أيام لا أهوى لقاك بقدر ما ... تهوي لإفراط الوداد لقائي
متمازجان من التعانق والوفا ... في الحبِّ مزجَ الماءِ بالصهباء
لو رامت الأيَّامُ سلوةَ بعضنا ... لم تدرِ من فينا أخو الأهواء
وصلٌ سهرتُ زمانه لتنعم ... وسهرتُ بعد زمانه بشقاء
يا جفنُ لستُ أراكَ تعرفُ ما الكرَى ... فعلامَ تشكو منه مرَّ جفاء
كانت لياليَ لذَّةٍ فتقلَّصت ... بيدِ الفراق تقلصَ الأفياء
ومنازل بالسفح غُير رسمها ... بمدامعِ العشاقِ والأنواء
لم يبقَ لي غيرُ انتشاقِ نسيمها ... يا طولَ خيبةِ قانعٍ بهواء
كمؤمل يبغي براحةِ واهبٍ ... كرمًا ويتركُ أكرمَ الوزراء
الصاحب الشرفِ الرفيع على السها ... قدرًا برغم الحاسد العوَّاء
ندبٌ بدا كالشمس في أفق العلا ... فتفرقت أهلُ العلا كهباء
عالي المكانة حيث حلَّ مقامهُ ... كالنجمِ حيث بدا رفيعَ سناء
ما السحبُ خافقةٌ ذوائب برقها ... بأبرّ من جدواه في اللأواء
لا والذي أعلا وأعلن مجدَهُ ... حتى تجاوز هامةَ الجوزاء
لا عيبَ في نعماهُ إلا أنَّها ... تسلي عن الأوطانِ والقرباء
مغرى على رغم العواذلِ والعدَى ... بشتاتِ أموالٍ وجمعِ ثناء
لا تستقرُّ يداه في أمواله ... فكأنَّما هو سابحٌ في ماء
جمعت شمائله المديحَ كمثل ما ... جمعت أبي جادٍ حروفَ هجاء
وتفرَّدت كرمًا وإن قال العدَى ... إنَّ الغمامَ لها من النظراء
وتقدَّمت في كلِّ محفل سؤددٍ ... تقديمَ بسمِ اللهِ في الأسماء
أكرِمْ بهنَّ شمائلًا معروفة ... يومَ العلى بتحملِ الأعباء
يلوي بقولِ اللائمينَ نوالها ... كالسيلِ يلوي جريهُ بغثاء
ومراتبًا غاظَ السماءَ علوِّها ... فتلقبت للغيظ بالجرباء
ومناقبًا تمشي المدائحُ خلفها ... لوفورِ سؤدَدِها على استحياء
1 / 13