LebensweltverIoss
عند هوسرل، والعدمية عند نيتشه، والانهيار الحضاري الشامل عند اشبنجلر.
ثانيا: الإنسان الجماهيري
L’homme-Masse
الإنسان الجماهيري على وجه التحديد هو أحد أفراد الجماهير أو الإنسان العامي الذي سماه هيدجر «السين» من الناس
Das Mann
هو نوع من البشر يتكون تكوينا سريعا، يتكرر باستمرار، ويتشابه مع غيره، لا تاريخ له ولا رغبة له، يقبل أي نظام ويتشكل كما يطلب منه، له كل الحقوق، ولا واجبات عليه، فارغ من تاريخه، وطيع لكل النظم السياسية والدولية. ينقصه الداخل، وتغيب فيه الذاتية. وقد يكون اليوم نموذج العامل في الطبقة العاملة أو الفلاح في جماهير الفلاحين. هو المغلق على نفسه، لا صلة له بالآخرين، ولا يعرف الحوار . يعادي الليبرالية، ولا يمارس الحرية، ولا يختار بين البدائل. هو إنسان الدهماء. الإنسان الجماهيري عدو للاتجاه التحرري لأنه يعلم أن التحرر عود إلى الأصالة وهو يود البقاء في مجال الزيف. التحرر تأكيد على الفردية والإنسان الجماهيري غوص في الدهماء. هذا النوع من البشر موجود في المجتمعات المتطورة وفي المجتمعات النامية على حد سواء. ففي المجتمعات المتطورة حذر المفكرون من قبل من الإنسان الآلة
L’homme-Robot ، وهو ترس في مجموعة من التروس، لا فردية له ولا كيانا مستقلا. وهو ما يذكرنا بآراء ماركس الشاب في وضع العامل في المجتمع الصناعي وتحوله إلى شيء يساوي إنتاجه. وفي المجتمعات النامية هو أحد أفراد العامة الذي تسيره القادة كما تشاء، تشير له فيصفق، وتشير له ثانيا فيكف، تجمعه ليستقبل، وتدعوه ليوافق. بل إن أورتيجا يرفض الإنسان أيضا كما تصوره عصر التنوير، الإنسان العام الذي يمثل الإنسانية كلها أو مواطن العالم
Le Citoyen du Monde ، إنسان يتكرر. أما إذا ظهر من بين هذا الخضم إنسان فريد فإنه يكون الفرد الأوحد كما ظهر جيفارا من جماهير أمريكا اللاتينية. هذه الجماهير في ثورة ولكنها أشبه بحركات التاريخ وانفعالات الدهماء ومشاغبات العامة. والحقيقة، وعلى غير ما يعتقد أورتيجا، إن ثورة الجماهير الآن سواء في المجتمعات المتطورة أو في المجتمعات النامية تدل على وعي بمشاكل العصر. فقد نشبت ثورات الشباب في العالم في 1968م في المجتمعات المتطورة ضد مساوئ النظام الرأسمالي ومجتمع الاستهلاك الداعي للحروب. وفي المجتمعات النامية نشبت الثورات للتخلص من بقايا الاستعمار القديم أو من براثن الاستعمار الجديد أو من سيادة الطبقات الجديدة، فالثورة الآن ضد مظاهر الطغيان الاقتصادي في الدول المتطورة أو السياسي في الدول النامية، هي ثورة على نظم حكم الفرد المطلق، وثورة الطبقات الكادحة التي لم تحصل بعد على مزايا التحرر والتحول الاشتراكي. الثورة مفهوم فلسفي، وتجربة فردية واجتماعية، وليست مجرد حركة أو انقلاب يرمي إلى تغيير الواقع. الثورة علم وليست مجرد انفعالات أو ضربات عمياء. وثورات الشعوب علامة على تقدمها وحيويتها وليس على تأخرها وسكونها.
ويعيد أورتيجا عرض القضية ، الإنسان الجماهيري في مقابل الفرد الحر في صورة تقابل آخر بين الأغلبية والأقلية، بين الجماهير والصفوة، بين العامة والخاصة. الجمهور هو الأغلبية في مقابل الصفوة وهي الأقلية. تعبر الأغلبية عن الإنسان المتوسط أو الإنسان العادي
صفحة غير معروفة