St. Tomas d’Acquin (القرن الثالث عشر الميلادي).
أما ما أفاده الغربيون من معارف العرب أنفسهم في الأدب والشعر والتشريع، والطب والفلك والتاريخ والطبيعة والكيمياء والجبر والتقويم والترقيم، ومختلف الفنون والصناعات، فهو أوسع من أن نلم ببعضه في هذا التمهيد، ولقد كتب فيه علماء أوروبا أسفارا جمة ما بين وسيع ووجيز.
14
والذي يعنينا هنا إنما هو أثر العرب والمسلمين في علم الأديان، الذي نحن بصدده.
وإنه لأثر جليل يمتاز بطابعين جديدين لم يسبق إليهما أحد فيما نعلم:
أما أحدهما فهو أن الحديث عن الأديان بعد أن كان في العصور السابقة إما مغمورا في لجة الأحاديث عن شئون الحياة، وإما مدفوعا في تيار البحوث النفسية أو الجدلية، أو على الأقل محدودا بحدود العقائد الموضوعية وما يشارفها، أصبح من كتب العرب دراسة وصفية واقعية، منعزلة عن سائر العلوم والفنون، شاملة لكافة الأديان المعروفة في عهدهم، فكان لهم بذلك فضل السبق في تدوينها علما مستقلا، قبل أن تعرفه أوروبا الحديثة بعشرة قرون.
أما الآخر - وهو ليس أقل نفاسة من سابقه - فهو أنهم في وصفهم للأديان المختلفة لم يعتمدوا على الأخيلة والظنون، ولا على الأخبار المحتملة للصدق والكذب، ولا على الفوائد والخزعبلات الشائعة في الطبقات الجاهلة، والتي قد تنحرف قليلا أو كثيرا عن حقيقة أديانها، ولكنهم كانوا يستمدون أوصافهم لكل ديانة من مصادرها الموثوق بها، ويستقونها من منابعها الأولى، وهكذا بعد أن اختطوه علما مستقلا اتخذوا له منهجا علميا سليما.
ونحن ذاكرون هنا بعض أسماء المؤلفات العربية المشهورة في هذه المادة على ترتيبها التاريخي:
كتاب «جمل المقالات»
15
صفحة غير معروفة