يدي الملك فسأله عن الموضع الذي كان فيه فأخبره بما اعتمد عليه فأعجبه حسن احتياله في إخفاء نفسه ولطافة أبي معشر المنجم في استخراجه وله غير ذلك من الإصابات. قال قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان ومما يناسب هذا من فطن المتطببين ما رواه الحسين بن إدريس الحلواني قال سمعت الإمام محمد بن إدريس الشافعي ﵁ يقول ما أفلح سمين قط إلا أن يكون محمد بن الحسن قيل له ولم ذلك قال لأنه لا يعدو العاقل إحدى خلتين إما أن يهتم لآخرته ومعاده أو لدنياه ومعاشه والشحم مع الهم لا ينعقد ثم قال وكان بعض ملوك الأرض قديما كثير الشحم لا ينتفع بنفسه فجمع الحكماء وقال احتالوا لي بحيلة يخف عني لحمي هذا قليلا قال فما قدروا له على شيء فجاءه رجل عاقل لبيب متطبب فقال عالجني ولك الغنى قال أصلح الله الملك أنا طبيب منجم دعني حتى أنظر الليلة في طالعك لأرى أي دواء يوافقه فلما أصبح قال أيها الملك الأمان فلما أمنه قال رأيت طالعك يدل على أنه لم يبق من عمرك غير شهر واحد فإن اخترت عالجتك وإن أردت بيان ذلك فاحبسني عندك فإن كان لقولي حقيقة فخل عني وإلا فاقتص مني قال فحبسه ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس وخلا وحده مغتما فكلما انسلخ يوم ازداد هما وغما حتى هزل وخف لحمه ومضى لذلك ثمان وعشرون يوما فبعث إليه وأخرجه فقال ما ترى فقال أعز الله الملك أنا أهون على الله من أن أعلم الغيب والله إني لم أعلم عمري فكيف أعلم
1 / 78