.. وفؤادي على اللقاء حريص
وتبدت نخيلها للمطايا ... فعيون المطي للنخل خوص
ويطربني ما حكاه أبو الفوارس بن اسرائيل الدمشقي. قال كنت يوما عند السلطان صلاح الدين يوسف بن ايوب فحضر رسول صاحب المدينة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام ومعه قواد وهدايا فلما جلس أخرج من كمه مروحة بيضاء عليها سطران بالسعف الأحمر وقال الشريف يخدم مولانا السلطان ويقول هذه المروحة ما رأى مولانا السلطان ولا أحد من بني أيوب مثلها فاستشاط السلطان صلاح الدين غضبًا فقال الرسول يا مولانا السلطان لا تعجل قبل تأملها وكان السلطان صلاح الدين ملكا حليما فتأملها فإذا عليها مكتوب:
أنا من نخلةٍ تجاور قبرًا ... ساد من فيه سائر الناس طرا
شملتني عناية القبر حتى ... صرت في راحة ابن أيوب أقرا
وإذا هي من خوص النخل الذي في مسجد الرسول ﷺ فقبلها السلطان صلاح الدين ووضعها على رأسه وقال لرسول صاحب المدينة النبوية صدقت فيما قلت من تعظيم هذه المروحة. وأحسن ما سمع فيها قول عرقلة الدمشقي:
ومحبوبةٍ في القيظ لم تخلُ من يدٍ ... وفي القرٍّ تسلوها أكفُّ الحبائب
إذا ما الهوى المقصور هيج عاشقًا
1 / 45