الضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى
محقق
جمال الدين العلوي
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٤ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
الأحاديث فإنها تواترت فلا يمتنع أن يكون التصديق بها مقصرا عن التصديق بالكتاب. وليس بمحال على ما يرى كثير من الناس أن يتفاضل التصديق اليقيني لاسيما فيما سبيله النقل، فأما ما نقل عن الشافعي ﵀ أنه كان لا يجوز نسخ السنة المتواترة بالقرآن، فلا معنى له، إذا أخذ على ظاهره، اللهم إلا أن يتأول ذلك، فإن وجوه التأويل لا تضيق.
١٢٦- مسألة: لا يجوز نسخ النص القاطع المتواتر بالقياس المظنون، كما لا يجوز بخبر الواحد. وقد احتج من أجاز ذلك بجواز تخصيص القياس للنص المتواتر. وهذا إذا سلم فليس بحجة، إذ التخصيص بيان والنسخ رفع. وبالجملة فالحجة في ذلك إجماع الصحابة على إبطال كل رأي مخالف للنص، فكيف النص المتواتر. وحديث معاذ إذ قال اجتهد رأيي عند عدم النص وتزكية رسول الله ﷺ له على ذلك، فأما إذا تناقض نصان قاطعان وأشكل فهل يقضى بتأخر أحدهما بخبر الآحاد؟ فيه نظر، والمسألة في محل الاجتهاد.
١٢٧- مسألة: لا ينسخ الحكم بقول الصحابي نسخ حكم كذا ما لم يقل سمعت رسول الله ﷺ يقول ذلك. هذا إذا كان الحكم ثابتا بخبر الواحد، لأن كثيرا ما يظن بما ليس بنسخ أنه نسخ، كما ظن قوم أن الزيادة على النص نسخ. وأما إذا كان الحكم ثابتا بطريق التواتر فليس قول الصحابي بنسخ وإن نقل ألفاظ رسول الله ﷺ، لأن الآحاد لا ينسخ به التواتر كما تقدم.
١٢٨- وبالجملة فينبغي أن تعلم أن للنسخ شرائط يتضمنها الحد المتقدم وهي منطوية فيه أولها: أن يكون المرفوع حكما شرعيا لا عقليا كالبراءة الأصلية التي ترتفع بإيجاب العبادات. والثاني أن يكون النسخ بخطاب لا أن يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيدا بوقت يقتضي
1 / 88