الضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى
محقق
جمال الدين العلوي
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٩٤ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
رسله إلى الأطراف بالناسخ والمنسوخ مما تواتر. فأما وقوع ذلك بعده ﷺ فممتنع بإجماع الصحابة على أن القرآن لا يرفع بخبر الواحد، وبالجملة التواتر. ويشبه أن تكون العلة في ذلك قرائن تقترن بخبر المخبرين عن رسول الله ﷺ في حياته ليس تقترن بالمخبرين عنه بعد موته ﷺ من إمكان مراجعته واستفهامه وغير ذلك.
١٢٤- وأما نسخ المتواتر من القرآن بالمتواتر من السنة فإنه قد نقل عن الشافعي وعن قوم من أهل الظاهر أنهم كانوا لا يجوزون ذلك بدليل قوله ﷿ ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها﴾ - وهذه الآية وإن كانت ظاهرة فيما رأوا فقد قلنا في ما سلف أنه يمكن أن لا تتضمن الآية الواردة بدل الآية المنسوخة في الحكم، وتكون السنة هي المتضمنة بدل حكم المنسوخة. ومن يجوز ذلك فقد احتج بنسخ قوله تعالى - ﴿الوصية للوالدين والأقربين﴾ - بقوله ﵇ – "لا وصية للوارث" – وكذلك احتجوا بقوله ﵇ أيضا " قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة (١) وتغريب عام. والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" (٢) وهو نسخ ﴿فأمسكونهن في البيوت﴾ وهذه الاحتجاجات قد يتمكن أن يتطرق إليها الاحتمال وليست قاطعة.
١٢٥- ويشبه أن يكون الذي أصار القائلين بهذا إلى امتناع ذلك مع ما تقدم من حجتهم،ما نجد في أنفسهم من ترجيح التصديق الواقع عن تواتر الكتاب، إذ هو أرفع مراتب التواتر، وأن ما عدا ذلك من
_________
(١) في الأصل: هاته.
(٢) وفي بداية المجتهد نقرأ: " خذوا عني قد جعل الله سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم بالحجارة. ص٣٢٦/ج٢.
1 / 87