يقعد. وإذا كان معنى الاكتساب هذا فلا معنى لاستثنائهم من هذا –كما زعموا-وجوب النظر المعرف،إذ لا يمكن فيما زعموا قصد إيقاعه طاعة قبل المعرفة بوجوبه،لأن وجوب النظر كما سلف من قولنا يحصل ضرورة لكون المنظور فيه معلوما بالضرورة،وليس لإنسان اختيار في وقوع التصديق بوجوبه عند ظهور المعجزة. وكذلك أيضا لا معنى لاستثنائهم من ذلك إرادة الطاعة،وقولهم إن الإرادة لو افتقرت إلى إرادة لافتقرت الإرادة إلى إرادة وتسلسل الأمر،فإن الإرادة شوق،وحدوث الشوق للإنسان كالضروري،إذ كان فاعله التصديق بالرغبة والرهبة،فشرط الفعل الشرعي أن يكون مكتسبا أولا،ثم ثانيا أن يكون السبب في اكتساب اعتقاد وجوب الأمر لأشياء أخر مما يجوز له أن يفعل.
٤٥-وأما الشيخ أبو الحسن فليس من شرط الفعل عنده أن يكون مكتسبا،بل يرى أن ليس هنا فعل مكتسب للإنسان أصلا،وأن ما يظهر كون الإنسان فاعلا للشيء فأمر مصاحب ولاحق لا أن الإنسان لذلك الفعل سبب لا قريب ولا بعيد، حتى تكون نسبة ذي القدمين مثلا إلى المشي هي بعينها نسبة العادم للقدمين. وهذه مخالفة للحس ورأي غريب جدا عن طباع الإنسان (١) . وقد بين أبو المعالي في (الرسالة النظامية) الوجه الذي به يصلح في الشرع أن يقال إن للإنسان اقتدارا واكتسابا. ومن لم يكن عنده للإنسان اقتدار على شيء ما، جاز عنده تكليف ما لا يطاق وبحق ما فعل ذلك لأنه ليس على رأيه ههنا شيء
_________
(١) بهذه الأفاظ تقريبا يرد مذهب الأشاعرة في كتاباته اللاحقة ومنن أشهرها الكشف والتهافت....
1 / 53