الآية فليس يصادم بالظواهر القطعيات. ولها تأويلات:
٣٩ _أحدهما أنها خطاب مع المستثنى.
٤٠ _والآخر أنه إنما وقع المنع من إفراط الشرب في أوقات الصلاة،وذلك خطاب في وقت الصحة،وقبل أن تحرم الخمر.
٤١-فأما الاعتراض الذي يلحقون هنا وهو كيف يكون الله آمرا في الأزل لعباده ومن شرط الآمر أن يكون المأمور موجودا،وكذلك كونه آمرا للسكران في حال سكره وللمجنون والصبي،على شرط أن يفيق ذلك ويصح ذلك ويبلغ هذا،فالجواب عنه ليس مما يمكن في هذا الموضع،ولا هو خاص بهذا النظر. والقول فيه مبني على قواعد تحتاج إلى تمهيد طويل وفحص كثير. وكما قلنا أنه ليس ينبغي أن نفحص عن كل شيء ولا عن أشياء كثيرة في موضع واحد،بل ينبغي أن يفرد بالقول كل واحد منها في الموضع اللائق به،والذي يحمل على هذا حب التكثير بما ليس يفيد شيئا.
٤٢-وأما الشرط الثاني فهو البلوغ،وهذا الشرط مدركه الشرع. فإن قيل فقبل أن يحتلم الصبي بزمان يسير أليس هو عاقلا؟ فإن انفصال النطفة عنه لا تزيده عقلا؟ قلنا: لما كان ذلك مما يخفي دركه في شخص،ويختلف وقته، نصب الشرع لذلك علامة توجد على الأكثر دالة عليه.
٤٣-وأما المحكوم فيه وهو الفعل فإنه ما جاز كونه مكتسبا للعبد باختياره مع اعتقاد اكتسابه طاعة وامتثالًا.
٤٤-وينبغي أن يعلم أن الأمور المتكسبة للإنسان هي التي له أن يأتي منها أي الضدين شاء،مثل أن القيام مكتسب له وله أن يقوم أو
1 / 52