فأول مسألة منها أنا نقول،إذا مات المكلف في أثناء الوقت ولم يقض لم يمت عاصيا بإجماع السلف على ذلك. وقول من أثمه خطأ، فإنا نعلم قطعا أنهم كانوا لا يؤثمون من مات وقد مضى من الوقت مقدار ما تقع فيه الصلاة. فإن قيل فكيف يجوز الترك مع العزم وهو لا يعرف سلامة العافية، قلنا لا يجوز الترك مع العزم إلا إلى مدة يغلب على ظنه البقاء إليها، كما يجوز للمعزر أن يضرب إلى حد لا يغلب على ظنه الهلاك. ولذلك قال أبو حنيفة ﵀ لا يجوز تأخير الحج إلى سنة لأن البقاء إليها لا يغلب على الظن. وأما تأخير الصوم والزكاة إلى شهر أو شهرين فجائز. والشافعي ﵀ يرى البقاء إلى سنة غالبا على ظن الشباب.
مسألة ثانية:
٢٦-الأحكام تنقسم إلى واجب كما تقدم،ومقابله في الطرف الأقصى المحظور،وهو الحرام، وبينهما متوسطان،وهما (١) الندب والمكروه. وبين أن المتقابلات التي بينها متوسط ليس يلزم (٢) عن رفع أحدهما وجود الآخر، فلذلك أخطأ من زعم أن الوجوب إذا نسخ رجع إلى ما كان قبل من حظر. وإنما يكون ذلك لو لم يكن بين الواجب والحرام واسطة. وأبين من هذا أن يرجع إلى ما كان قبل من إباحة، إذ ليس يتضمنها جنس هذه المتقابلات الذي هو الطلب.
٢٧-وهنا يتبين (٣) سقوط قول من قال المباح مأمور به. وكذلك
_________
(١) في الأصل: وهو.
(٢) في الأصل: يلز.
(٣) في الأصل: نبين.
1 / 47