تعدم الخصلتان فحينئذ يتصور وجوب الثالثة. والذي ينبغي أن يقال في مثل هذا أنه يشبه الوجوب من جهة، والندب من أخرى. أما شبهه للوجوب فلأنه يرتفع الفرض بالصلاة في أول الوقت، وأما شبهه بالندب فما ذكر في الاعتراض.
٢٢-وهذه المنازعة لفظية، ولذلك سمي الواجب الموسع، وهو أيضا يفارق الندب من جهة أن تركه إنما يكون بشرط العزم على إتيانه مع الذكر، إذ كان اعتقاد الترك مطلقا حراما.
فصل:
٢٣-وكذلك اختلفوا فيما لا يتم الواجب إلا به هل يسمى واجبا. ووجه القول فيه أن هذا ينقسم إلى ما ليس للعبد في فعله اختيار كالقدرة على المشي مثلا، فهذا لا يوصف بالوجوب بل هو من شرط تكليف الوجوب، أو إلى ما للعبد في فعله اختيار، وهذا فينبغي أن يتصف بالوجوب كالطهارة المشترطة في الصلاة. وكأن وجوب مثل هذا إنما هو من أجل غيره لا من أجل ذاته، فتنشأ ههنا قسمة أخرى للواجب وهو أن منه ما هو واجب من أجل غيره ومنه ما هو واجب بذاته. والواجب أيضا ينقسم إلى ما يتقدر بقدر محدود وإلى ما لا يتقدر بقدر محدود، كمسح الرأس والطمأنينة في الركوع، والواجب من هذا هو أقل ما ينطلق عليه الإسم ويبقى الباقي ندبا،وهذا إنما يتصور فيما وقع من الأفعال متتابعا أو متشافعا،وبالجملة ما لم تقع أجزاؤه معا.
٢٤-فهذا هو القول في تحديد أنواع الأحكام وتقسيمها،وقد بقي القول في مسائل كلية تلحقها.
1 / 46