1. قف معي أيها العاقل برهة وتفكر فيما طرا على المسلمين من القبائح والرذائل ، ونبئني أتلك الصفات تحل في قلوب مملوءة إيمانا خاضعة للباري فيما يأمر وينهى أم هاتيك قلوب في أكنة مما تتلوه من كلامه العزيز الذي تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، إنك تشاهد على مرأى ومسمع من العموم سعاية وغدرا ورياء ، ومكابرة وكذبا ونفاقا وركونا إلى الذين ظلموا وتسمع بجود حاتمي في سبيل الطاغوت { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا } ( النساء /60)
بينما كنت ترى البخيل بدرهم في سبيل العلم أو نفع عمومي ، ترى ارتشاء وخيانة وتوعدا بالسوء لا لشيء اللهم إلا لهوس في النفوس ووصب في القلوب وخيال فاسد علق بالأذهان الضعيفة .
أمور يضحك الجهال منها ويبكي من عواقبها الحكيم
استمرعت نفوس هذه الخلل الذميمة وعدتها رطبا جنيا وسلاحا باترا تعده ليوم الكريهة ، فصدق عليها قول أبي نصر (رحمه الله)(1) :
أيا عجبا أما الديار ديارهم وسكانها قوم أطل تبارهم
ألم يأن لهؤلاء أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟ويتعظوا بما حل بالمسلمين من النكبات والشتات
رب إن الهدى هداك وآيا تك نور تهدي بها من تشاء
ليس من الأسلم في شي من يخذله أو يخونه أو يعين على إضعافه ، أو يتهاون به أو ينقصه ، قد أكمله الله وأتمم به نعمته على المؤمنين واختاره شريعة للأنام لا عمل بسواه ولا قبول لما عداه : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم } ( المائدة / 3)
صفحة ١٠٢